كل مسمى صيد مما يحل صيده وأكله من الطير وذوات الأربع. أو كفارة بإطعام ، وحدّ ذلك أن ينظر قيمة ما يساوي ذلك المثل ، فيشتري بقيمته طعاما فيطعمه للمساكين. (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) يعني أو مثل ذلك صياما ، إذ العدل : المثل فننظر إلى أقرب الكفارات شبها بهذه الكفارة الجامعة لهدي أو إطعام أو صيام ، فلا نجد إلا من حلق رأسه وهو محرم لأذى نزل به ، ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ، فذكر الثلاثة المذكورة في كفارة قتل الصيد ، فجعل الشارع هنالك في الإطعام ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع ، وجعل الصيام ثلاثة أيام ، فجعل لكل صاع يوما ، فننظر القيمة فإن بلغت صاعا أو أقل فيوم ، فإن الصوم لا يتبعض وإن بلغت القيمة أن نشتري بها صاعين ، أو دون الصاعين أو أكثر من الصاع ، فيومان وهكذا ما بلغت القيمة وأعني بالقيمة قيمة المثل ، يشتري بها طعاما فيطعم ، والصيام محمول على ما حصل من الطعام بالشراء على ما قررناه ، فهو مخيّر بين المثل والإطعام بقيمة المثل والصيام بحسب ما حصل من الطعام من قيمة المثل ، والحكمة في ذلك أن المثل على مذهبنا صيد صاده حلال في حلال ، فيطلقه القاتل عند الكعبة فهو إحياء للمثل من القتل الجائز عليه من الحلال في الحلّ ، والحكمة في المثل على المذاهب الأخرى وهو ما يقدم من النعم الأنسي ، وكذا في الطعام فإن تناوله سبب في بقاء حياة المتغذي به لأنه أتلف نفسا ، وأزال حياة فجبرها وكفر ذلك بما يكون سببا لإبقاء حياة ، فكأنه أحياها زمان بقائها بحصول ذلك الغذاء من المثل أو الطعام ، وأما الصيام فإنه صفة ربانية ، فكلّف أن يأتي بها هذا القاتل إن لم يكفر بالمثل أو الإطعام ، أن يكفر بالصوم ، حتى يكون القاتل غير محجور عليه ، فيتلبس بصفة الحق وهو الصوم ، من قوله تعالى : «الصوم لي» فلا يتصف الحق بالحجر عليه ، فيتلبس القاتل بصفة هي للحق ، فيحصل في الحمى عن الحجر عليه ، فإذا صام كان الصوم للحق والجوع للقاتل ، فبما في الصوم من الجوع في حقه الذي ليس للحق يكون كفارة ، لأن الجوع من الأسباب المزيلة للحياة من الحي ، فأشبه القتل الذي هو سبب مزيل للحياة من الحي ، ولم تزل حياة القاتل لأنه جوع صوم ، والصوم من صفات الحق وهو غير مؤثر في الحياة الأزلية ، فلهذا لم يجع جوع إتلاف فقال تعالى : (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) ومن عاد لمثل ذلك الفعل فينتقم الله منه إما بإعادة الجزاء فإنه وبال ، والوبال : الانتقام وإما أن يسقط عنه في الدنيا