ـ الوجه الأول ـ هو الوجود الصرف ، لأنه قد قام الدليل على أنه ما ثمّ وجود أزلا إلا وجود الحق ، فهو واجب الوجود لنفسه ـ الوجه الثاني ـ الحق المخلوق به هو العماء ، وهو نفس الرحمن الذي هو علة الإيجاد من جانب الرحمة بالخلق ، ليخرجهم من شر العدم إلى خير الوجود ـ الوجه الثالث ـ قال صلىاللهعليهوسلم أول ما خلق الله العقل ، وهو الحق الذي خلق به السموات والأرض ـ الوجه الرابع ـ الحق هنا هو ما يحكم الله به يوم القيامة بين عباده وفي عباده وبه أنزل الشرائع ـ تحقيق ـ قال تعالى كما ورد (كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف) ولما كان المحب من شأنه إذا قام بالصورة أن يتنفس ، لما في ذلك التنفس من لذة المطلوب ، فخرج ذلك النفس من شأنه إذا قام بالصورة أن يتنفس ، لما في ذلك التنفس من لذة المطلوب ، فخرج ذلك النفس عن أصل محبة في الخلق الذي يريد التعرف إليهم ليعرفوه ، فكان العماء المسمى بالحق المخلوق به ، فكان ذلك العماء ماء جوهر العالم ، فقبل صور العالم وأرواحه وطبائعه كلها ، وهو قابل إلى ما لا يتناهى ، فجميع الموجودات ظهرت في العماء بكن ، أو باليد الإلهية ، أو باليدين ، إلا العماء فظهوره بالنفس خاصة ، ولو لا ما ورد في الشرع النفس ما أطلقناه ، مع علمنا به ، وأصل ذلك حكم الحب ، فبهذا الحب وقع التنفس فظهر النفس ، فكان العماء ، فهذا العماء هو الحق المخلوق به كل شيء ، وسمي الحق لأنه عين النفس والنفس مبطون في المتنفس ، فالعماء من تنفسه تعالى ، والصور المعبر عنها بالعالم من كلمة كن ، فلما سمعنا كلامه تعالى ونحن ثابتون في جوهر العماء لم نتمكن أن نتوقف عن الوجود ، فكنا صورا في جوهر العماء ، فأعطينا بظهورنا في العماء الوجود للعماء بعد ما كان معقولي الوجود ، حصل له الوجود العيني ، فالأصل على هذا كان وهو العماء من النفس ، وهو وجود وهو عين الحق المخلوق به وأجناس العالم مخلوقون من العماء ، وأشخاص العالم مخلوقون من العماء أيضا ومن أنواع أجناسه ، فما خلق شيء من عدم لا يمكن وجوده ، بل ظهر في أعيان ثابتة.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) (٨٦)
ولا يعلم أحد للعالم مدة يقف عندها بجملتها ، إلا أن الله تعالى بالجملة لم يزل خالقا ولا يزال دنيا وآخرة ، والآجال في المخلوق بانتهاء المدد لا في الخلق ، فالخلق مع الأنفاس يتجدد ، فما أعلم به خلقه علمه.