(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٨٧)
يراجع تفسير فاتحة الكتاب في السبع المثاني ـ الفاتحة هي السبع المثاني ، فهي سبع آيات تحتوي على جميع الآيات ، فظهرت في الوجود حضرة تفرد وحضرة تجمع ، فمن البسملة إلى الدين إفراد إلهي ، ومن اهدنا إلى الضالين إفراد العبد المألوه ، وقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تشمل ، وما هي العطاء ، وإنما العطاء ما بعدها ، وإياك في الموضعين ملحق بالإفراد الإلهي ، فصحت السبع المثاني ، يقول العبد فيقول الله (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) ـ الوجه الأول ـ العظيم الصفات ، والقرآن الجمع ، وليس سوى إياك نعبد وإياك نستعين ـ الوجه الثاني ـ (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قيد وصف القرآن في هذه الآية بالعظمة ، فإن نزوله إذا كان بصفة العظمة أثر في القلب هيبة وجلالا وحياء ومراقبة وحضورا وإخباتا وانكسارا وذلة وافتقارا وانقباضا وحفظا ومراعاة وتعظيما لشعائر الله ، وانصبغ القرآن كله عنده بهذه الصفة ، فأورثه عظمة عند الله وعند أهل الله ، ولم يجهل أحد من المخلوقات عظمة هذا الشخص ، إلا بعض الثقلين لأنهم ما سمعوا نداء الحق عليه بالتعريف ، وقد ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إذا أحب الله عبدا قال لجبريل : إني أحب فلانا ، فيحبه جبريل ، ثم يأمره أن يعلم بذلك أهل السماء ، فيقول ألا إن الله تعالى قد أحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء كلهم ، ثم يوضع له القبول في الأرض].
(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٩١)
في قسم الله جل ثناؤه بالربوبية على إنفاذ سؤال التقرير على المشركين يوم القيامة ، أقسم سبحانه على نفسه باسم الرب المضاف إلى نبيه محمد عليهالسلام ، فقال عز من قائل.
(فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٣)