الرسول صلىاللهعليهوسلم وتسمع ما سمع ، فتلحق به في درجته من غير نبوة تشريع ، بل وراثة محققة لنفس مصدقة متبعة ـ لذلك قرأ بعضهم من باب الإشارة (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ) ـ الوجه الرابع ـ (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) يعني الموت ، لأنه أمر متيقن لا اختلاف في وقوعه في كل حيوان ـ الوجه الخامس ـ «اليقين» حكم اليقين سكون النفس بالمتيقن ، أو حركتها إلى المتيقن وهو ما يكون الإنسان فيه على بصيرة ، أي شيء كان ، فإذا كان حكم المبتغى حكم الحاصل فذلك اليقين ، سواء حصل المتيقن أو لم يحصل في الوقت ، وهو قول القائل لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ، مع أن المتيقن ما حصل في الوجود العيني ، فقال الله لنبيه ولكل عبد يكون بمثابته (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ولما كان شرف اليقين بشرف المتيقن ، لهذا جاء بالألف واللام في قوله (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) يريد متيقنا خاصا ، ما هو يقين يقع المدح به ، بل هو يقين معيّن ، واليقين هو الذي يأتي طالبا المحل الذي ينزل فيه ، فإذا تيقنت علمت بمن آمنت ـ الوجه السادس ـ إذا أضاف الحق نفسه إلى شيء من خلقه ، فانظر إلى عبادة ما أضاف نفسه إليه فقم بها أنت ، فإنك النسخة الجامعة ، وما عرفك الحق بهذه الإضافة الخاصة إلا لهذا ، مثال الإله المضاف : وإلهكم ، ربنا الذي أعطى ، رب المشرق والمغرب ، رب السموات ، ورب آبائكم ، رب المشرقين ورب المغربين فعطف ، وما أظهر الإضافة كما فعل في غير ذلك ، ما فعله سدى ، فاعبد ربك على ما قلته لك في كل إضافة حتى يأتيك اليقين ، وإذا أتاك اليقين انجلى لك الأمر وعرفت شرف الإضافة ، فإنه ما عبد أحد الإله المطلق عن الإضافة فإنه الإله المجهول.
بحث في اليقين ـ اليقين مقام شريف بين العلم والطمأنينة ، وربما اشتق اليقين من يقن الماء إذا استقر ، فاليقين استقرار الإيمان في القلب ، واعلم أن اليقين لما اعتنى به الله دون غيره من المقامات ، أكمل نشأته فسوى ذاته أولا حين أرسله مطلقا ، مثل قوله تعالى : (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ثم جعل له عينا وعلما وحقا وأخفى حقيقته ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [لكل شيء حقيقة] وقد ثبت حق اليقين ، فلا بد لهذا الحق من حقيقة ، وهو حقيقة اليقين ، فصار اليقين على هذا نشأة قائمة على أربعة أركان : علم وعين وحق وحقيقة ، فالحقيقة سنّية ، والثلاثة الأركان الباقية كتابية ، فاليقين اسم يكون منه فعل فيظهر في حضرة الأفعال على مراتبها ، ولا يتمكن أن يوصف بوجه ، بخلاف العلم ، فلا يوصف بالقدم