لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٧)
(لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) وهو نصف ذاتك ، أي ما كنت تصل إليه إلا بالوهم والتخيل لا بالحس إلا بواسطة هذه المراكب.
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨)
فهي من زينة الله التي قال فيها (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ).
(وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) (٩)
أوجب الحق على نفسه أن يعرّف طريق سعادة العباد ـ وهو الإيمان بالله ، وبما جاء من عند الله ، مما ألزمنا فيه الإيمان به ، فإن العالم في حال جهل بما في علم الله من تعيين تلك الطريق ـ عن طريق الرسول ، لذلك قال تعالى : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ) أي هذا الذي أوجبته على نفسي ، كأن الله يقول : الذي يلزم جانب الحق منكم أن يبيّن لكم السبيل الموصل إلى سعادتكم ، وقد فعلت ، فإنكم لا تعرفونه إلا بإعلامي لكم به وتبييني ، وجاء بالألف واللام للشمول في السبيل ، فإنها كلها سبل يراها من جاهد في الله ، فأبان له ذلك الجهاد السبل الإلهية ، فسلك منها الأسدّ في نفسه ، وعذر الخلق فيما هم عليه من السبل وانفرد بالله ، فهو على نور من ربه (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) أي أنتم قابلون لذلك ، ولكن حقت الكلمة وسبق العلم ونفذت المشيئة ، فلا راد لأمره ولا معقّب لحكمه ، إن الله فعال لما يريد.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ