(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) (٣٠)
(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) فكل شيء من الله حسن ساء ذلك الشيء أم سر.
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ) (٣١)
إذا كانت الآخرة ، عاد الحكم فيما تحوي عليه الخزائن التي عند الله إلى العبد الذي كمّل الله سعادته ، فيدخل فيها متحكما ، فيخرج منها ما يشاء بغير حساب ولا قدر معلوم ، بل يحكم بما يختاره في الوقت ، فإنه يعطى التكوين ، فكل ما خطر له تكوينه كوّنه ، فلا يزال خلّاقا دائما ، فلا بد أن الآخرة تطلب حشر الأجساد وظهورها ، ولا بد من إمضاء حكم التكوين فيها ، فإن الأمر فيها على أتم الوجوه وأكملها ، ففي الدنيا في العموم تقول للشيء كن فيكون في التصور والتخيل ، لأن موطن الدنيا ينقص في بعض الأمزجة عن التكوين في العين في الظاهر ، وفي الآخرة تقول ذلك بعينه لما تريد أن يكون كن فيكون في عينه من خارج ، كوجود الأكوان هنا عن كن الإلهية عند أسبابها ، فكانت الآخرة أعظم كمالا من هذا الوجه ، لتعميم الكلمة في الحضرتين الخيال والحس.
(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٣٣)