الإرادة ، فأدخل الله تعلق إرادته تحت حكم الزمان ، فجاء بإذا وهي من صيغ الزمان ، والزمان قد يكون مرادا ولا يصح فيه إذا ، لأنه لم يكن بعد فيكون له حكم ، والإرادة واحدة العين ، فانتقل حكمها من ترجيح بقاء الممكن في شيئية ثبوته إلى حكمها بترجيح ظهوره في شيئية وجوده ، فقوله تعالى : (إِذا أَرَدْناهُ) هو التوجه الإلهي على الشيء في حال عدمه (أَنْ نَقُولَ لَهُ) وهو قوله لكل شيء يريده وذلك من كون الحق متكلما ، وما يؤمر إلا من يسمع بسمع ثبوتي أو وجودي ، يسمع الأمر الإلهي (كُنْ) بالمعنى الذي يليق بجلاله ، وكن حرف وجودي ، أو إن شئت أمر وجودي ، فما ظهر عنها إلا ما يناسبها ، فلا يكون عن هذا الحرف إلا الوجود ، ما يكون عنه عدم ، لأن العدم لا يكون ، لأن الكون وجود ، وكن كلمة وجودية من التكوين ، فكن عين ما تكلم به ، وهو الأمر الذي لا يمكن للمأمور به مخالفته ، لا الأمر بالأفعال والتروك ، فظهر عن هذا الأمر الذي قيل له (كُنْ) فيكون ذلك الشيء في عينه ، فيتصف ذلك المكوّن بالوجود بعد ما كان يوصف بأنه غير موجود ، فإذا ظهر عن قوله (كُنْ) لبس شيئية الوجود ، وهي على الحقيقة شيئية الظهور ، ظهور لعينه ، وإن كان في شيئية ثبوته ظاهرا متميزا عن غيره بحقيقته ، ولكن لربه لا لنفسه ، فما ظهر لنفسه إلا بعد تعلق الأمر الإلهي من قوله (كُنْ) بظهوره ، فاكتسب ظهوره لنفسه ، فعرف نفسه وشاهد عينه ، فاستحال من شيئية ثبوته إلى شيئية وجوده ، وإن شئت قلت استحال في نفسه من كونه لم يكن ظاهرا لنفسه إلى حالة ظهر بها لنفسه ، فما ثمّ إلا الله والتوجه وقبول الممكنات لما أراد الله بذلك. وأضاف الله التكوين إلى الذي يكون لا إلى الحق ولا إلى القدرة ، بل أمر فامتثل السامع في حال عدم شيئيته وثبوته أمر الحق بسمع ثبوتي ، فأمره قدرته ، وقبول المأمور بالتكوين استعداده ، فإن الممكنات لها الإدراكات في حال عدمها ، ولذا جاء في الشرع أن الله يأمر الممكن بالتكوين فيتكون ، فلو لا أن له حقيقة السمع ، وأنه مدرك أمر الحق إذا توجه عليه لم يتكون ، ولا وصفه الله بالتكوين ، ولا وصف نفسه بالقول لذلك الشيء المنعوت بالعدم ، فتعلق الخطاب بالأمر لهذه العين المخصصة بأن تكون ، فامتثلت فكانت ، فلو لا ما كان للممكن عين ولا وصف لها بالوجود ، يتوجه على تلك العين الأمر بالوجود لما وقع الوجود ، فالمأمور به إنما هو الوجود ، ولذلك أعلمنا الله أنه خاطب الأشياء في حال عدمها ، وأنها امتثلت أمره عند