الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (١١٦)
الذي يحرم بالعموم في الخطاب المشروع على واحد يعم جميع المكلفين من غير اختصاص ، حتى لو قال بتحليل ذلك في حق شخص يتوجه عليه به لسان الذم في الظاهر كان كافرا عند الجميع ، وكان كاذبا في دعواه ، ولا تصح المنكرات إلا بما لا يتطرق إليه الاحتمال ، والحرام النص مأمور باجتنابه ، لأنه ممنوع تناوله في حق من منع منه لا في عين الممنوع ، فإن ذلك الممنوع بعينه قد أبيح لغيره لكون ذلك الغير على صفة ليست فيمن منع منه ، أباحته له تلك الصفة بإباحة الشارع ، فلهذا قلنا : لا في عين الممنوع ، فإنه ما حرّم شيء لعينه جملة واحدة ، ولهذا قال تعالى (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) فعلمنا أن الحكم بالمنع وغيره مبناه على حال المكلّف ، وفي مواضع على اسم الممنوع ، فإن تغير الاسم لتغير قام بالمحرم تغير الحكم على المكلّف في تناوله ، إما بجهة الإباحة أو الوجوب ، وكذلك إن تغير حال المكلّف الذي خوطب بالمنع من ذلك الشيء واجتنابه لأجل تلك الحال فإنه يرتفع عنه هذا الحكم ولا بد ، وإن كان الأمر على هذا الحد فما ثمّ عين محرمة لعينها.
(مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩) إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٢٠)
أخبر صلىاللهعليهوسلم أن العابد لله بما يعطيه نظره إذا لم يكن على شرع من الله معيّن أنه يحشر أمة وحده بغير إمام يتبعه ، فجعله خيرا وألحقه بالأخيار ، كما قال تعالى في إبراهيم عليهالسلام (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) وذلك قبل أن يوحي إليه ، والأمة معلم الخير (قانِتاً لِلَّهِ) أي مطيعا لله في السر والعلانية ، ولا تكون الطاعة إلا عند المراسم الإلهية والأوامر الموقوفة على الخطاب (حَنِيفاً) مائلا في جميع أحواله من الله إلى الله عن مشاهدة وعيان ، ومن نفسه إلى الله عن