ـ الوجه الأول ـ من جمع الإحسان والتقوى كان الله معه ، ومن أحسن إلى نفسه بأداء الزكاة كان متقيا أذى شح نفسه فهو من المتقين ، ومن المحسنين من يعبد الله كأنه يراه ويشهده ، ومن شهوده للحق علمه بأنه ما كلفه التصرف إلا فيما هو للحق وتعود منفعته على العبد ، منة وفضلا ، مع الثناء الحسن له على ذلك ، فإن عمل ما كلفه الله به لا يعود على الله من ذلك نفع ، وإن لم يعمل لا يتضرر بذلك ، والكل يعود على العبد ، فالزم الأحسن إليك تكن محسنا إلى نفسك ـ الوجه الثاني ـ إن الله مع المحسنين كما هو مع المتقين ، والإحسان عيان وفي منزل كأنه عيان.
(١٧) سورة الإسراء مكيّة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (١)
اعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لو لا بعثه الله تعالى رسولا ما ظهرت عليه آية ظاهرة في العموم كما ظهرت على من تقدم ، فما ظهر عنه صلىاللهعليهوسلم من الآيات المنقولة في العموم إنما كان ذلك من كونه رسولا ، رفقا من الله تعالى بهذه الأمة وإقامة حجة على من كذبه وكذب ما جاء به ، ألا ترى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كيف أسري به إلى المقام الذي قد عرف وجاء به القرآن والخبر الصحيح ، فلما خرج إلى الناس بكرة تلك الليلة وذكر للأصحاب ما ذكر مما جرى له في إسرائه بينه وبين ربه تعالى ، أنكر عليه بعض أصحابه ، لكونهم ما رأوا لذلك أثرا في الظاهر ، بل زادهم حكما في التكليف ، وموسى عليهالسلام لما جاء من عند ربه كساه الله نورا على وجهه يعرف به صدق ما ادعاه ، فما رآه أحد إلا عمي من شدة نوره ، فكان يتبرقع حتى لا يتأذى الناظر إلى وجهه عند رؤيته ، من ذلك نعلم الفرق بين الورثة المحمديين وورثة سائر الأنبياء ، فورثة الأنبياء يعرفون في العموم بما يظهر عليهم من خرق العوائد ، ووارث محمد