السماء وهي دخان ، واستوى على العرش لقيام البرهان ، فوعزته لقد استوى ولا علم لي بما استوى ، وأنا والثرى بالقرب منه على حد سوى ، فلا أحيط بما حوى ولا أعرف ما زوى ، ولكني عبد له ولكل عبد ما نوى ، ثم إني أخبرك بقصتي ، وأبث إليك شكوة غصتي ، أقسم بعلي عزته وقوي قدرته ، لقد خلقني وفي بحار أحديته غرقني ، وفي بيداء أبديته حيرني ، تارة يطلع من مطالع أبديته فينعشني ، وتارة يدنيني من مواقف قربه فيؤنسني ، وتارة يحتجب بحجاب عزته فيوحشني ، وتارة يناجيني بمناجاة لطفه فيطربني ، وتارة يواصلني بكاسات حبه فيسكرني ، وكلما استعذبت من عربدة سكري ، قال لسان أحديته : لن تراني ، فذبت من هيبته فرقا ، وتمزقت من محبته قلقا ، وصعقت عن تجلي عظمته كما خر موسى صعقا ، فلما أفقت من سكرة وجدي به ، قيل لي : أيها العاشق ، هذا جمال قد صناه ، وحسن قد حجبناه ، فلا ينظره إلا حبيب قد اصطفيناه ، ويتيم قد ربيناه ، فإذا سمعت سبحان الذي أسرى بعبده ، فقف على طريق عروجه إلينا ، وقدومه علينا ، لعلك ترى من يرانا ، وتفوز بمشاهدة من لم ينظر إلى سوانا ، يا محمد إذا كان العرش مشوقا إليك فكيف لا أكون خادم يديك؟. قدم إليه مركبه الأول وهو البراق إلى بيت المقدس ، ثم المركب الثاني وهو المعراج إلى سماء الدنيا ، ثم المركب الثالث وهو أجنحة الملائكة من سماء إلى سماء ، وهكذا إلى السماء السابعة ، ثم المركب الرابع وهو جناح جبريل عليهالسلام إلى سدرة المنته ، فتخلف جبريل عليهالسلام عندها ، فقال : يا جبريل نحن الليلة أضيافك ، فكيف يتخلف المضيف عن ضيفه؟ أههنا يترك الخليل خليله؟ قال : يا محمد أنت ضيف الكريم ، ومدعو القديم ، لو تقدمت الآن بقدر أنملة لاحترقت ، وما منا إلا له مقام معلوم ، قال : يا جبريل إذا كان كذلك ألك حاجة؟ قال : نعم ، إذا انتهي بك إلى الحبيب حيث لا منته ، وقيل لك : ها أنت وها أنا ، فاذكرني عند ربك. ثم زج به جبريل عليهالسلام زجة فخرق سبعين ألف حجاب من نور ، ثم تلقاه المركب الخامس وهو الرفرف من نور أخضر قد سد ما بين الخافقين ، فركبه حتى انته به إلى العرش ، فتمسك العرش بأذياله ، وناداه بلسان حاله ، وقال : يا محمد إلى متى تشرب من صفاء وقتك آمنا من معتكره ، تارة يتشوق إليك حبيبك وينزل إلى سماء الدنيا ، وتارة يطوف بك على ندمان حضرته ويحملك على رفرف رأفته (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) وتارة يشهدك جمال أحديته (ما