أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠) وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً) (١١)
(وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) التلبيس أصله العجلة من الإنسان ، فلو اتئد وتفكر وتبصر لم يلتبس عليه أمر وقليل فاعله.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) (١٢)
آية الليل هو القمر ، فلا يظهر لنوره حكم في البصر إلا بالليل ، ونوره معار فإنه انعكاس نور الشمس ، فإنه لها كالمرآة ، فالنور الذي يعطيك القمر إنما هو للشمس ، وهو موصل لا غير لأنه محو (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) وآية النهار هي الشمس يعني نورها ظاهرا للبصر ، وجعل الله تعالى الليل والنهار آيتين دلالة على عالم الغيب والشهادة ، فمحا آية الليل لدلالتها على الغيب فآية القمر ممحوة عن العالم الظاهر ، وجعل آية النهار مبصرة لدلالتها على عالم الشهادة ، وجعل ذلك الطلوع والغروب لمن يكون حسابه بالشمس ليعلم فصول السنة ، وقد يكون حسابه بالقمر عدد السنين والحساب يقول الله في الأهلة (هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) فقال تعالى : (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) بسير القمر في منازله والشمس فيها ، فإن الليل والنهار واليوم والشهر والسنة هي المعبر عنها بالأوقات ، وتدق إلى مسمى الساعات ودونها ، والوقت لا وجود له في عينه وانه نسب وإضافات ، وان الموجود إنما هو عين الفلك والكوكب لا عين الوقت والزمان ، فإنه عبارة عن الأمر المتوهم الذي فرضت فيه الأوقات ، فالوقت فرض متوهم في عين موجودة وهو الفلك ، والكوكب يقطع حركة ذلك الفلك والكواكب بالفرض المفروض فيه ، في أمر متوهم لا وجود له يسمى الزمان ، الذي جعله الله ظرفا للكائنات المحيّزات الداخلة تحت هذا الفلك الموقت فيه المفروض