في عينه تعيين الأوقات ، ليقال : خلق كذا وظهر كذا في وقت كذا ، فبطلوع كوكب الشمس سمي المطلع مشرقا والطلوع شروقا ، لكون ذلك الكوكب المنير طلع منه وأضاء به الجو ، وبالشمس سميت المقارنة استواء ، وعند بدء نزوله عن الاستواء سمي زوالا ، وغيابها غروبا والموضع الذي غربت فيه مغربا ، وأظلم الجو فسميت مدة استنارة الجو من مشرق الشمس إلى مغربها نهارا ، وسميت مدة الظلمة من غروب الشمس إلى طلوعها ليلا ، وكان اليوم مجموع الليل والنهار ، وسميت المواضع التي يطلع منها هذا الكوكب كل يوم درجا ، وانتقال الشمس في الفروض المقدرة في الفلك المحيط درجة درجة حتى يقطع ذلك بشروق سميت أياما ، وكلما أكمل قطع فرض من تلك الفروض شرع في قطع فرض آخر إلى أن أكملت الشمس الاثني عشر فرضا بالقطع ، ثم شرعت في كرة أخرى في قطع تلك الفروض ، فسمي ابتداء كل فرض إلى انتهاء قطع ذلك الفرض شهرا ، وسمي قطع تلك الفروض كلها سنة (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) سبحانه لا إله إلا هو الحكيم القدير.
(وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١٤)
إنما شرع الله قراءة الكتب في الدار الآخرة ليعلم العبد المصطفى قدر ما أنعم الله عليه به ، والهالك ليعذر من نفسه فيعلم أنه جنى على نفسه ، فحاسب نفسك والله هو الحسيب.
(مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١٥)
لما كان العالم في حال جهل بما في علم الله من تعيين طريق السعادة ، تعيّن الإعلام به بصفة الكلام ، فلا بد من الرسول ، ومن وجه آخر فإن الله ما كلف عباده ولا دعاهم إلى تكليف قط بغير واسطة ، فإنه بالذات لا يدعو إلى ما فيه مشقة ، فلهذا اتخذ الرسل عليهم