خلف ستر أدق من وهم سر |
|
شاهد الله إذ أتته الحسان |
هو وهم وليس علما ولكن |
|
فيه سر لربنا وامتنان |
فإذا ما قرأت قرآن ربي |
|
أظهر القول ما حواه الجنان |
للفؤاد الكلام من غير حرف |
|
يا ولي ، وللحروف اللسان |
عجبا ألا ترى كل عبادة لا تمنع من قامت به التصرف في بعض أسبابه ، إلا الصلاة ، فإنها تغلق على من قامت به جميع أبوابه ، فمقامها الغيرة ، ومشهدها الحيرة ، إنية المحتد والمولد والمشهد ، وهي أسنى تكليف يقصد ، ولما كانت محل إدراك المنى ، طولب المكلف فيها بالفنا.
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (٧٩)
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ) المتهجد عبارة عمن يقوم وينام ويقوم وينام ويقوم ، فمن لم يقطع الليل في مناجاته ربه هكذا فليس بمتهجد ، فنوم المتهجد لحقّ عينه وقيامه لحق ربه (نافِلَةً لَكَ) لا تصح نوافل الخيرات إلا بعد كمال الفرائض ، ولا تكمل الفرائض إلا باستكمال حقوقها ، ولذلك منعنا أن تصح لأحد على التعيين نافلة إلا بإخبار أو مشاهدة ، وذلك أن الفرائض تستغرقها بالتكميل منها ، فإنه قد ورد في الصحيح عن الله تعالى أنه يقول يوم القيامة [انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئا قال : انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع وهو النافلة قال : أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه] قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم] فالنافلة لا تكون إلا بعد تمام الفريضة ، فمن كانت فريضته من الصلاة ناقصة فإنها تكمل من نوافله ، فإن استغرقت الفرائض نوافل العبد المتهجد ، لم يبق له نافلة وليس بمتهجد ولا صاحب نافلة ، وهذه الآية نص في إثبات النافلة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن الله ما شهد لأحد بالنوافل إلا لرسوله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له آمرا (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) فشهد الله لمحمد صلىاللهعليهوسلم بأن له نافلة ، فلا بد أن يكون سمعه الحق ، وبصره الحق ، وكلامه الحق ، ولم يشهد بها لأحد على التعيين ، فعلامة من لم تستغرق فرائضه نوافله وفضلت له نوافل أن يحبه الله تعالى هذه المحبة الخاصة ، وجعل علامتها أن يكون الحق سمعهم وبصرهم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم