بأبدانها ، ونزلت الملائكة على أرجائها ـ أعني أرجاء السموات ـ وأتى ربنا في ظلل من الغمام ، ونادى المنادي : يا أهل السعادة ، فأخذ منهم ثلاث طوائف إلى الجنة ، وهم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ، والذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله ، والطائفة الثالثة هم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ليجزي الصادقين بصدقهم ، ثم يخرج عنق من النار فيقبض ثلاث طوائف إلى النار وهم : كل جبار عنيد ، والطائفة الثانية كل من آذى الله ورسوله ، والطائفة الثالثة أهل التصاوير الذين يصورون صورا في الكنائس لتعبد تلك الصور والذين يصورون الأصنام ، فإذا ماج الناس ، واشتد الحر وألجم الناس العرق ، وعظم الخطب وجل الأمر ، وكان البهت فلا تسمع إلا همسا ، وجيء بجهنم ، وطال الوقوف بالناس ولم يعلموا ما يريد الحق بهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [فيقول الناس بعضهم لبعض تعالوا ننطلق إلى أبينا آدم فنسأله أن يسأل الله لنا أن يريحنا مما نحن فيه فقد طال وقوفنا ، فيأتون آدم فيطلبون منه ذلك ، فيقول آدم : إن الله قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وذكر خطيئته فيستحي من ربه أن يسأله ، فيأتون إلى نوح بمثل ذلك فيقول لهم مثل ما قال آدم ، ويذكر دعوته على قومه قوله (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) ثم يأتون إلى إبراهيم عليهالسلام بمثل ذلك ، فيقولون له مثل مقالتهم لمن تقدم ، فيقول كما قال من تقدم ، ويذكر كذباته الثلاث ، ثم يأتون إلى موسى وعيسى ويقولون لكل واحد من الرسل مثل ما قالوه لآدم ، فيجيبونهم مثل جواب آدم ، فيأتون إلى محمد صلىاللهعليهوسلم وهو سيد الناس يوم القيامة ، فيقولون له مثل ما قالوا للأنبياء ، فيقول محمد صلىاللهعليهوسلم : أنا لها ، وهو المقام المحمود الذي وعد الله به يوم القيامة ، فيأتي ويسجد ويحمد الله بمحامد يلهمه الله تعالى إياها في ذلك الوقت لم يكن يعلمها قبل ذلك ، ثم يشفع إلى ربه أن يفتح باب الشفاعة للخلق ، فيفتح الله ذلك الباب ، فيأذن في الشفاعة للملائكة والرسل والأنبياء والمؤمنين ، فبهذا يكون سيد الناس يوم القيامة ، فإنه شفع عند الله أن تشفع الملائكة والرسل ، ومع هذا تأدب صلىاللهعليهوسلم وقال : [أنا سيد الناس] ولم يقل سيد الخلائق فتدخل الملائكة في ذلك مع ظهور سلطانه في ذلك اليوم على الجميع ، وذلك أنه صلىاللهعليهوسلم جمع له بين مقامات الأنبياء عليهمالسلام كلهم ،