لا يشعرون أنهم محرومون ، لأن الرحمانية لا تتضمن سوى العافية والخير المحض ، فالله معروف بالحال والرحمن منكور بالحال ، فقيل لهم (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) من حيث المسمى ، فإنه قال (أَيًّا ما تَدْعُوا) من حيث دلالته على عين المسمى (فَلَهُ) أي لذلك المسمى (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) التي الله والرحمن منها من حيث ما هي أسماء ، فلم يفرق الحق في دعائه بين الاسم الله والاسم الرحمن ، بل جعل الاسمين من الألفاظ المترادفة ، وإن كان في الرحمن رائحة الاشتقاق ، ولكن المدلول واحد من حيث العين المسماة بهذين الاسمين ، والمسمى هو المقصود في هذه الآية ، ولذلك قال (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ومن أسمائه الحسنى الله والرحمن ، إلى كل اسم سمى به نفسه مما نعلم ومما لا نعلم ومما لا يصح أن يعلم ، لأنه استأثر بأسماء في علم غيبه ، فالحكم للمدعو بالأسماء الإلهية لا للأسماء ، فإنها وإن تفرقت معانيها وتميزت ، فإن لها دلالة على ذات معينة في الجملة وفي نفس الأمر ، وإن لم تعلم ولا يدركها حدّ فإنه لا يقدح ذلك في إدراكنا وعلمنا أن ثمّ ذاتا ينطلق عليها هذه الأسماء.
الحكم للمدعو بالأسماء |
|
ما الحكم للأسماء في الأشياء |
لكن لها التحكيم في تصريفها |
|
فيه كمثل الحكم للأنواء |
في الزهر والأشجار في أمطارها |
|
وقتا وفي الأشياء كالأنداء |
لعبت بها الأرواح في تصريفها |
|
كتلاعب الأفعال بالأسماء |
وقد وحّد بقوله (فَلَهُ) لما أراد المسمى ولم يراع اختلاف الحقائق التي تدل عليها ألفاظ هذه الأسماء الحسنى ، فإن الأسماء لو لم تختلف معانيها لكانت اسما واحدا كما هي واحد من حيث مسماها ، فإن قلت الرحمن سميته بجميع الأسماء الحسنى ، وإن قلت الله سميته بجميع الأسماء الحسنى ، فجميع الأسماء دلائل على الاسم الرحمن والاسم الله ، فإنه لما كان الله جامعا لكل شيء ، وكان الرحمن جامعا لحقائق العالم وما يكون فيه ، ولهذا قيل : رحمن الدنيا والآخرة ، لهذا قيل لهم (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فإن دعاءهم إنما هو تعلقهم به لمنافعهم على قدر معارفهم وهي عنه ـ اسمه الرحمن ـ وهذا الاسم الرحمن يتضمن جميع الأسماء الحسنى إلا الله ، فإن له الأسماء الحسنى والرحمن وما يتضمنه الاسم الله ، وإذا ناديت الله فإنما تنادي منه الرحمن خاصة ، وتنادي من الرحمن الاسم