مسمياتها ، وثمّ أسماء تدل على تنزيه وثمّ أسماء تدل على إثبات أعيان صفات ، ـ وإن لم تقبل ذات الحق قيام الأعداد ـ وهي الأسماء التي تعطي أعيان الصفات الثبوتية ، كالعالم والقادر والمريد والسميع والبصير والحي والمجيب والشكور ، وأمثال ذلك ، وأسماء تعطي النعوت فلا يفهم منهم في الإطلاق إلا النسب والإضافات ، كالأول والآخر والظاهر والباطن ، وأمثال ذلك ، وأسماء تعطي الأفعال ، كالخالق والرازق والبارىء والمصور ، وأمثال ذلك من الأسماء ، وانحصر الأمر ، وجميع الأسماء الإلهية ـ بلغت ما بلغت ـ لا بد أن ترجع إلى واحد من هذه الأقسام أو إلى أكثر من واحد ، مع ثبوت دلالة كلّ اسم منها على الذات لا بد من ذلك ، فاجعل ذلك كله نسبا أو أسماء أو صفات ، والأولى أن تكون أسماء ولا بد ، لأن الشرع الإلهي ما ورد في حق الحق بالصفات ولا بالنسب ، وإنما ورد بالأسماء فقال (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) وليست سوى هذه النسب ، وهل لها أعيان وجودية أم لا؟ ففيه خلاف بين أهل النظر ، وأما عندنا فما فيها خلاف أنها نسب وأسماء على حقائق معقولة غير وجودية ، فالذات غير متكثرة بها ، لأن الشيء لا يتكثر إلا بالأعيان الوجودية لا بالأحكام والإضافات والنسب (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) فإنه يعلم الجهر وما يخفى ، كما أنه يعلم السر وأخفى وأصفى (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) فإنه أخفى من السر ، أي أظهر ، فإن الوسط الحائل بين الطرفين المعيّن للطرفين والمميز لهما هو أخفى منهما.
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (١١١)
أمرك الحق في هذه الآية أن تكبره تكبيرا عن الولد والشريك والولي ، فإذا كبرت ربك فقيّده في ذلك بما قيده الحق ، ولا تطلق فيفتك خير كثير وعلم كبير ، فتكبيرك للحق عن أن يتخذ ولدا ، فإن الولد للوالد ليس بمتخذ ، لأنه لا عمل له فيه على الحقيقة ، وإنما وضع ماء في رحم صاحبته ، وتولى إيجاد عين الولد سبب آخر ، والمتخذ الولد إنما هو المتبني ، فقال تعالى لنا (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) لأنه لو اتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء ، فكان يتبنى ما شاء ، فما فعل فعل من لم يتخذ ولدا ، وقوله تعالى (لَمْ يَلِدْ)