منهم ـ تحقيق الرضا ـ اعلم أن الله تعالى قد أمرنا بالرضا قبل القضاء مطلقا ، فعلمنا أنه يريد الإجمال ، فإنه إذا فصّله حال المقضي عليه بالمقضى به انقسم إلى ما يجوز الرضا به وإلى ما لا يجوز ، فلما أطلق الرضا علمنا أنه أراد الإجمال ، والقدر توقيت الحكم ، فكل شيء بقضاء وقدر ، أي بحكم مؤقت ، فمن حيث التوقيت المطلق يجب الإيمان بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره ، ومن حيث التعيين يجب الإيمان به لا الرضا ببعضه ، وإنما قلنا : يجب الإيمان به أنه شر كما يجب الإيمان بالخير أنه خير ، فنقول : إنه يجب علي الإيمان بالشر أنه شر ، وأنه ليس إلى الله من كونه شرا ، لا من كونه عين وجود إن كان الشر أمرا وجوديا ، فمن حيث وجوده أي وجود عينه هو إلى الله ، ومن كونه شرا ليس إلى الله ، قال صلىاللهعليهوسلم في دعائه : والشر ليس إليك ، فالمؤمن ينفي عن الحق ما نفاه عن نفسه.
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٢٠)
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ) هما الدار الدنيا.
(٦) سورة الأنعام مكيّة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١)
العدل هنا على وجوه منها عدولهم إلى القول بأن له أمثالا وليس كمثله شيء ، فإن العدل المثل ، ومنها أنهم بربهم عدلوا لأنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، ومنها أن الباء في «بربهم» بمعنى اللام ، فلربهم عدلوا لكون من عدلوا إليه إنما عدلوا إليه لكونه عندهم إلها ، وفي هذه الآية يخاطب الله الذين جعلوا له أمثالا ، مثل المانية الذين يقولون : إن الإله الذي خلق