وَالْأَرْضِ ، وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) وقد قرىء الثاني في الشاذ بفتح الياء ، فكل موجود له بقاء في وجوده ، فلا بد من حافظ كياني يحفظ عليه وجوده ، وذلك الحافظ خلق الله ، وهو غذاء هذا المحفوظ عليه الوجود ، فلا تزال عينه وإن تغيرت صورته ما دام الله يغذيه بما به بقاؤه من لطيف وكثيف ، ومما يدرك ومما لا يدرك ـ إشارة ـ قل لسمائك لا تحجب بلطافتها ، ولأرضك لا تحجب بكثافتها ، فإنه لا بد عند تجليه لسمائك من تخلخلها ، ولأرضك من تزلزلها ، فإياك أن تقع في شرك الإشراك ، لعظيم آفات الاشتراك ، والزم الوحدة ، فيها تحصل رفده ومجده.
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (١٨)
ـ الوجه الأول ـ أي قهر عباده لما صدر منهم من النزاع ، وأظهر النزاع مخالفة أمر الله ، وأدق ما يكون من الخلاف النزاع الإلهي بإناية العبد ، فإذا زال العبد عن إنايته لم يجد القهار من يقف له فيقهره ، واعلم أن الدعاء لا يقتضي المنازعة حيث أراد ما أراد الله ، فإن الدعاء ذلة وافتقار ، والنزاع رياسة وسلطنة ومن النزاع الخفي الصبر على البلاء ، إذا لم يرفع إزالته إلى الله ، فمن حبس نفسه عند الضر النازل به عن الشكوى إلى الله في رفع ما نزل به ، وصبر مثل هذا الصبر ، فقد قاوم القهر الإلهي ، فإن الله قاهر هذا العبد ، وإن كان محمودا في الطريق ولكن الشكوى إلى الله أعلى منه وأتمّ والقهر الإلهي يخفى بخفاء النزاع ، ويظهر بظهور النزاع ، ومن غفل عن ربه نازع بباطنه ما يجده من الأثر فيه مما يخالف غرضه ، فيجيء القهر الإلهي فيقهره ، فلولا النزاع القائم بنفوس الرعية الذي لو مكنوا من إرساله لوقع منهم ، ما أضيف إلى الرعية أنهم مقهورون تحت سلطان مليكهم ، ومن لم يخطر له شيء من ذلك ، ولم ينازع فما هو مقهور ، ولا الملك له بقاهر ، بل هو به رؤوف رحيم ـ الوجه