بفوق ولا تحت ، ولا شيء من الجهات ، قال تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) فوصفه بالأعلى حال اتصافه بالخلق فدل على أن علوه محقق قبل الخلق ، وكذا قال : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الآية. ووصف نفسه آخر الآية بالعلو والتنزه بعد ذكره قبض الأرض وطيه للسماء ، فدل أن علوه حقيقي لا مكاني ، وتأمل قوله تعالى : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) مع قول فرعون عن بني إسرائيل : (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) فهل يفهم أحد أن فرعون ادعى أنه فوق بني إسرائيل بالمكان أو بالجهة وإنما لما ادعى الربوبية بقوله : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) كان من لازم دعواه ادعاء الفوقية اللائقة بالربوبية ، وهي الفوقية الحقيقية بالقهر فلذلك قال : (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ). وبالجملة فالأحاديث الدالة على عموم إحاطة ربنا سبحانه بجميع الجهات وعدم اختصاصه كثيرة ، والقصد حصل بما ذكرنا ، ولا يلزم من الإيمان القول بالجهة ، فلا يلزم الشبه ، الجهة ما وردت ، والفوقية الإلهية قد ثبتت.
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (١٩)
لفظة الشيئية لا تنطلق على الحق ، قال عليهالسلام «كان الله ولا شيء معه» فهذا وصف ذاتي للحق سلب الشيئية عنه ، وسلب معية الشيئية له تعالى ولو تسمى بالشيء لسميناه الشيء فإنه دليل على ذات غير مركبة لكنه لم يرد في الأسماء الإلهية يا شيء ، ولو كان الحق شيئا لجمعته الشيئية مع الأشياء فيقع التماثل فيها ، وهو يقول : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) إذا فلا شيئية له فليس هو [شيئا] ، ولا هو لا شيء ، فإن [لا شيء] صفة المعدوم فيماثله المعدوم في أنه لا شيء وهو لا يماثل فليس مثله شيء وليس مثله لا شيء ، ونحن لا نثبت إطلاق لفظة الشيئية على ذات الحق لأنها ماوردت ولا خوطبنا بها والأدب أولى.