(وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (٥٦) قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٥٧)
وهو خير الفاصلين بأحكام حكمته فتزول المغالبة والمنازعة.
(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (٥٨) وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٥٩)
(وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) كل معدوم العين ظاهر الحكم والأثر ، فهو على الحقيقة المعبر عنه بالغيب ، فإنه من غاب في عينه فهو الغيب ، والطبيعة غائبة العين في الوجود فليس لها عين فيه ، وعن الثبوت وليس لها عين فيه ، فهي عالم الغيب المحقق ، وهي معلومة ، كما أن المحال معلوم ، غير أن الطبيعة وإن كانت مثل المحال في رفع الثبوت عنها والوجود فلها أثر ويظهر عنها صور ، والمحال ليس كذلك ، ومفاتيح هذا الغيب هي الأسماء الإلهية التي لا يعلمها إلا الله العالم بكل شيء ، والأسماء نسب غيبية إذ الغيب لا يكون مفتاحه إلا غيبا. وهذه الأسماء تعقل منها حقائق مختلفة معلومة الاختلاف كثيرة ، ولا تضاف إلا إلى الحق فإنه مسماها ولا يتكثر بها ، فلو كانت أمورا وجودية قائمة به لتكثر بها ، فعلمها سبحانه من حيث كونه عالما بكل معلوم ، وعلمناها نحن باختلاف الآثار منها فينا ، فسميناه كذا من أثر ما وجد فينا ، فتكثرت الآثار فينا ، فكثرت الأسماء والحق مسماها فنسبت إليه