وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨١)
اعلم أن المعلومات أربعة : الحق تعالى وهو الموصوف بالوجود المطلق سبحانه ، ليس معلولا لشيء ولا علة بل هو موجودا بذاته ، والعلم به عبارة عن العلم بوجوده ، ووجوده ليس غير ذاته ، مع أنه غير معلوم الذات ، لكن يعلم ما ينسب إليه من الصفات أعني صفات المعاني وهي صفات الكمال ، وأما العلم بحقيقة الذات فممنوع ، لا تعلم بدليل ولا ببرهان عقلي ، ولا يأخذها حد ، فإنه سبحانه لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء ، فكيف يعرف من يشبه الأشياء من لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا؟ وقد ورد المنع من الشرع في التفكر في ذات الله «ومعلوم ثان» وهو الحقيقة الكلية التي هي للحق وللعالم ، ولا تتصف بالوجود ولا بالعدم ، ولا بالحدوث ولا بالقدم ، هي في القديم إذا وصف بها قديمة ، وفي المحدث إذا وصف بها محدثة ، لا تعلم المعلومات قديمها وحديثها حتى تعلم هذه الحقيقة ، ولا توجد هذه الحقيقة حتى توجد الأشياء الموصوفة بها ، فإن وجد شيء عن غير عدم متقدم كوجود الحق وصفاته ، قيل فيها : موجود قديم لاتصاف الحق بها وإن وجد شيء عن عدم كوجود ما سوى الله وهو المحدث الموجود بغيره قيل فيها محدثه وهي في كل موجود بحقيقتها فإنها لا تقبل التجزي ، فما فيها كل ولا بعض ، ولا يتوصل إلى معرفتها مجردة عن الصورة بدليل ولا ببرهان ، فمن هذه الحقيقة وجد العالم بوساطة الحق تعالى ، وليست بموجودة فيكون الحق قد أوجدنا من موجود قديم فيثبت لنا القدم ، وكذلك لتعلم أيضا أن هذه الحقيقة لا تتصف بالتقدم على العالم ولا العالم بالتأخر عنها ، ولكنها أصل الموجودات عموما ، وهي أصل الجوهر ، وفلك الحياة ، والحق المخلوق به ، وغير ذلك ، وهي الفلك المحيط المعقول ، فإن قلت : إنها العالم صدقت ، أو إنها ليست العالم صدقت ، أو إنها الحق أو ليست الحق صدقت ، تقبل هذا كله وتتعدد بتعدد أشخاص العالم وتتنزه بتنزيه الحق ، وهذه الحقيقة الكلية هي الجامعة لحقائق العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر وجميع الأشياء كلها. «ومعلوم ثالث» وهو العالم كله الأملاك والأفلاك وما تحويه من العوالم والهواء والأرض «ومعلوم ثالث» وهو العالم كله الأملاك والأفلاك وما تحويه من العوالم والهواء والأرض وما فيهما من العالم وهو الملك الأكبر. «ومعلوم رابع» وهو الإنسان الخليفة الذي جعله