فتلك ضيافته سبحانه لعبده.
(فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) (٨٦)
(فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ) على قومه (أَسِفاً) عليهم لما فعلوه من اتخاذهم العجل إلها ، فقال ما ذكر الله عنه.
(قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) (٨٨)
وإنما كان عجلا لأن السامري لما مشى مع موسى عليهالسلام في السبعين الذين مشوا معه ، كشف الله عنه غطاء بصره ، فما وقعت عينه إلا على الملك الذي على صورة الثور ، وهو من حملة العرش ، لأنهم أربعة : واحد على صورة أسد ، وآخر على صورة نسر ، وآخر على صورة ثور ، ورابع على صورة إنسان ؛ فلما أبصر السامري العجل تخيل أنه إله موسى الذي يكلمه ، فصور لهم العجل وصاغه من حليهم ليتبع قلوبهم أموالهم ، لعلمه أن المال حبه منوط بالقلب ، وعلم أن حب المال يحجبهم أن ينظروا فيه ، هل يضر أو ينفع؟ أو يرد عليهم قولا إذا سألوه؟ وكان قد عرف جبريل حين جاءه ، وأنه لا يمر بشيء إلا حيي بمروره ، فقبض قبضته من أثر فرس جبريل ، ورمى بها في العجل فحيي العجل وخار لأنه عجل ، والخوار صوت البقر ـ إشارة ـ «فقبض قبضة من أثر الرسول» ظهر من قبضة الأثر في العجل خوار ، تنبيه على أن الحياة في سلوك الآثار ، أي أن حياة القلوب في اتباع الشرائع ، وذلك أنه إذا اتبعها رزقه الله علما يحيا به قلبه. (فَقالُوا) قال لهم (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) أي ونسي السامري إذا سأله عابدوه أنه لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ، فقال تعالى :