(كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (٩٩)
كون القرآن ذكر فلما فيه من آيات الاعتبارات وقصص الأمم في إهلاكهم بكفرهم.
(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (١٠٠) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) (١٠١)
الضمير في خالدين فيه يعود على الوزر لا على العذاب ، وهذا في موطن من مواطن الآخرة ، إذا أقيموا في حمل الأثقال التي هي الأوزار يحملونها ، وهو زمان مخصوص ، فيقول تعالى (خالِدِينَ فِيهِ) أي في حمل الوزر في الموضع الذي يحملونه ، من خروجهم من قبورهم إلى أن يصلوا به إلى النار فيدخلونها ، فهم خالدون فيه في تلك المدة ، لا يفتر عنهم ولا يأخذه من على ظهورهم غيرهم ، فأعاد الحق الضمير على الوزر وجعله ليوم القيامة هذا الحمل ، ويوم القيامة مدته من خروج الناس من قبورهم إلى أن ينزلوا منازلهم من الجنة والنار ، وينقضي ذلك اليوم فينقضي بانقضائه جميع ما كان فيه ، ومما كان فيه الخلود في حمل الأوزار ، ولذلك فإن هذه الآية ما هي بنص في خلود العذاب ، فإنه ما ورد في العذاب شيء يدل على الخلود فيه كما ورد في الخلود في النار ، قال (خالِدِينَ فِيها) يعني في النار ، ولم يقل : فيه ؛ فيريد العذاب ، ولما أعاد الضمير في خالدين فيها على الدار لم يلزم العذاب.
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) (١٠٢)
الصور جمع صورة ، وهو الحضرة البرزخية التي ننتقل إليها بعد الموت ونشهد نفوسنا فيها ، ولما سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الصور : ما هو؟ قال صلىاللهعليهوسلم [هو قرن من نور ألقمه إسرافيل] فأخبر أن شكله شكل القرن ، فوصف بالسعة والضيق ، فهو في غاية السعة ، لا شيء من الأكوان أوسع منه ، وضيقه من أنه لا يجرد المعاني عن المواد أصلا ، فلا يقبلها إلا في صورة. واعلم أن الله سبحانه إذا قبض الأرواح من هذه الأجسام الطبيعية حيث كانت والعنصرية ، أودعها صورا جسدية في مجموع هذا القرن النوري ، فجميع ما يدركه الإنسان