تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) (١٩)
(وَمَنْ عِنْدَهُ) هم الملائكة المهيمة الكروبيون جلساء الحق تعالى بالذكر ، فإن الله تعالى لما تسمى بالملك رتب العالم ترتيب المملكة ، فجعل له خواص من عباده وهم الملائكة المهيمة.
(يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢٠)
تسبيح الملائكة مثلنا في أنفاسنا دوام متوال من غير مشقة نجده في تنفسنا ، بل الآنفاس عين الراحة لنا ، بل لو لاها لمتنا ، فالملائكة لا يلحقهم في تسبيحهم عي ولا نصب ، فإن نسبة التسبيح إليهم نسبة الأنفاس إلينا ، تقتضيها نشأتهم كما تقتضي نشأتنا الأنفاس ، لأن عالم الأرواح ما يتعبهم القيام ولا يدركهم الملل ، لأن النشأة النورية خارجة عن حكم الأركان ، فيسبحون الليل والنهار لا يفترون في غير ليل ولا نهار ، وهذا التسبيح لا يكون إلا عن شهود دائم لا عن تقديس عرضي ، وما عندنا خبر من جانب الحق تعالى في ذلك مروي ولا غير مروي أن هذا المقام ناله أحد من البشر ، وبهذا القدر يتبين فضل الملك على الإنسان في العبادة لكونه لا يفتر ، لأن حقيقة نشأته تعطيه أنه لا يفتر ، فتقديسه ذاتي لأن تسبيحه لا يكون إلا عن حضور مع المسبح ، وليس تسبيحه إلا لمن أوجده ، فهو مقدس الذات عن الغفلات ، فلم تشغله نشأته الطبيعية النورية عن تسبيح خالقه على الدوام ، مع كونهم من حيث نشأتهم يختصمون ، كما أن البشر من حيث نشأته تنام عينه ولا ينام قلبه ، ولم يعط البشر قوة الملك في ذلك لأن الطبيعة يختلف مزاجها في الأشخاص ، وهذا مشهود بالضرورة في عالم العناصر.
(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٢٢)