وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (١٠٤)
قال صلىاللهعليهوسلم في حديث جابر المشهور أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر. وقال صلىاللهعليهوسلم أنا أول من تنشق عنه الأرض ـ بحث في الإعادة ـ قال تعالى : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) وقال : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) الإعادة تكرار الأمثال في الوجود ، لأن تكرار العين ليس بواقع للاتساع الإلهي ، ولكن الإنسان في لبس من خلق جديد ، فهي أمثال يعسر الفصل فيها لقوة الشبه ، فالإعادة إنما هي في الحكم ، مثل السلطان يولي واليا ثم يعزله ثم يوليه بعد عزله ، فالإعادة في الولاية ، والولاية نسبة لا عين وجودي ، ألا ترى الإعادة يوم القيامة إنما هي في التدبير ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم قد ميز بين نشأة الدنيا ونشأة الآخرة ، والروح المدبر لنشأة الدنيا عاد إلى تدبير النشأة الآخرة ، فهي إعادة حكم ونسبة لا إعادة عين فقدت ثم وجدت ، وأين مزاج من يبول ويغوط ويتمخط من مزاج من لا يبول ولا يغوط ولا يتمخط؟ والأعيان التي هي الجواهر ما فقدت من الوجود حتى تعاد إليه ، بل لم تزل موجودة العين ، ولا إعادة في الوجود لموجود فإنه موجود ، وإنما هي هيآت وامتزاجات نسبية.
(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (١٠٥)
ـ إشارة ـ الأرض هي أرض العبادة التي يرثها الصالحون في الطاعة ، فإن الصالح لا يرث من الأرض إلا إتيانها لله طائعة مع السماء ، حين قال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ، فورث العباد منها الطاعة لله وهي المعبر عنها بالقنوت.
(إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (١٠٦) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٧)
ما كان السبب في إنزال هذه الآية إلا أنّه لمّا اشتد قيام رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الله وغيرته على الحق ، وكان في مقام الغيرة على جناب الله تعالى وما يستحقه ، أخذ يقنت في صلاته شهرا كاملا وهو القنوت ، يدعو على طائفة من عباد الله بالهلاك والعذاب والانتقام في قصة رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله ، فكان يقول اللهم عليك بفلان وفلان ، وذكر ما كان منهم فأنزل الله عليه وحيه بواسطة الروح الأمين ، يا محمد إن الله يقول لك ما أرسلك سبابا ولا