ووحي من الله وعلم بمن تجلى له ، مفطور على ذلك سعيد كله ، فإن تجلي الحق دائم أبدا ، فيبادر العبد بالسجود في هذه الآية ليكون من الكثير الذي يسجد لله لا من الكثير الذي حق عليه العذاب ، فإذا رأى العبد أن الله قد وفقه للسجود ولم يحل بينه وبين السجود علم أنه من أهل العناية الذين التحقوا بمن لم يبعض سجودهم ، فهذه السجدة هي سجود المعادن والنبات سجود المشيئة ، والحيوان وبعض البشر وعمار الأفلاك والأركان سجود مشاهدة واعتبار.
(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٢٢) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (٢٥)
الإلحاد الميل عن الحق شرعا ولذلك قال : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) فذكر الظلم وهو هنا الهم الذي هو الإرادة ، فإنه سواء وقع منه ذلك الظلم الذي أراده أو لم يقع في الحرم المكي فإنه محاسب عليه ، وأما في غير المسجد الحرام المكي فإنه غير مؤاخذ بالهم ، فإن لم يفعل ما هم به كتب له حسنة إذا ترك ذلك من أجل الله خاصة ، فإن لم يتركها