من أجل الله لم يكتب له ولا عليه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : احتكار الطعام بمكّة إلحاد فيه ، وكان ابن عباس يسكن الطائف لأجل هذه الآية احتياطا لنفسه فإن الإنسان ما في قوته أن يمنع عن قلبه الخواطر فإنه تعالى نكّر الظلم ، فخاف مثل ابن عباس وغيره ـ بحث في الإرادة ـ اعلم أن الله تعالى إذا أراد إيجاد فعل ما بمقارنة حركة شخص ما بعث إليه رسوله المعصوم وهو الخاطر الإلهي المعلوم ، ولقربه من حضرة الاصطفا هو في غاية الخفا ، فلا يشعر بنزوله في القلب إلا أهل الحضور والمراقبة في مرآة الصدق والصفا ، فينقر في القلب نقرة خفية ، تنبيها لنزول نكتة غيبية ، فمن حكم به فقد أصاب في كل ما يفعله ، ونجح في كل ما يعمله ، وذلك هو السبب الأول ، عند الشخص الذي عليه يعوّل ، وهو نقر الخاطر ، عند أرباب الخواطر ، وهو الهاجس ، عند من هو للقلب سائس ، فإن رجع إليه مرة أخرى فهو الإرادة ، فإن عاد ثالثة فهو الهم ، فإن عاد رابعة فهو العزم ، ولا يعود إلا لنفوذ أمر جزم ، فإن عاد خامسة فهو النية ، وهو الذي يباشر الفعل الموجود عن هذه البنية ، وبين التوجه إلى الفعل والفعل يظهر القصد ، واعلم أن النية إذا كان معناها القصد أصل في إقامة كل بنية ، وليس للحس في النية مدخل لأنها من وصف العقل المتخيل.
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٢٦)
يا كعبة طاف بها المرسلون |
|
من بعد ما طاف بها المكرمون |
ثم أتى من بعدهم عالم |
|
طافوا بها من بين عال ودون |
أنزلها مثلا إلى عرشه |
|
ونحن حافون لها مكرمون |
فإن يقل أعظم حاف به |
|
إني أنا خير فهل تسمعون |
والله ما جاء بنص ولا |
|
أتى لنا إلا بما لا يبين |
هل ذاك إلا النور حفت به |
|
أنوارهم ونحن ماء مهين |
فانجذب الشيء إلى مثله |
|
وكلنا عبد لديه مكين |
هلا رأوا ما لم يروا أنهم |
|
طافوا بما طفنا وليسوا بطين |
لو جرد الألطف منا استوى |
|
على الذي حفوا به طائفين |