الأشواط من غير أن يتخللها وقوف إلا قدر التقبيل في مرورنا إذا وجدنا السبيل إليه ، وكل طواف قدوم فيه رمل هكذا السنة لمن أراد أن يتبعها ، وأجمع العلماء على أن الركوع بعد الطواف من سنن الطواف ، وهو أن يركع ركعتين ، والأولى أن يصلي عند انقضاء كل أسبوع (أي سبعة أشواط) فإن جمع أسابيع فلا ينصرف إلا عن وتر ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم ما انصرف من الطواف إلا عن وتر فإنه انصرف عن سبعة أشواط أو عن طواف واحد ، فإن زاد فينصرف عن ثلاثة أسابيع وهي واحد وعشرون شوطا ولا ينصرف عن أسبوعين ، فإنه شفع ، وبالأشواط الأربعة عشر شوطا وهي شفع فجاء بخلاف السنة في طوافه من كل وجه ، والأولى أن لا يؤخر الركعتين عن أسبوعهما ، وليصلهما عند انقضاء الأسبوع ـ إشارة ـ طواف القدوم يقابل طواف الوداع ، فهو كالاسم الأول والآخر ، وطواف الإفاضة بينهما برزخ ، فلطواف الزيارة وجه إلى طواف الوداع ووجه إلى طواف القدوم ، كالعقل إذا أقبل على الله بالاستفادة ، وطواف الوداع إذا أراد الخروج إلى النفس بالإفادة ، والبرزخ أبدا أقوى في الحكم لجمعه بين الطرفين ، فيتصور في أي صورة شاء ، ويقوم في حكم أي طرف أراد ، ويجزىء عنهما ، فله الاقتدار التام ، والرمل إسراع في نفس الخير إلى الخير فهو خير في خير.
(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (٣٠)
العالم حرم الحق ، والكون حرمه الذي أسكن فيه هؤلاء الحرم ، وأعظم الحرم ما له فيه أثر الطبع النكاحي لأنه محلّ التكوين ، فمن عظم حرمة الله فإنما عظم الله ، ومن عظم الله كان خيرا له ، وهو ما يجازيه به من التعظيم ، واعلم أن كل شعائر الله في دار التكليف قد حد لها للمكلف في جميع حركاته الظاهرة والباطنة حدودا عمت جميع ما يتصرف فيه روحا وحسا بالحكم ، وجعلها حرمات له عند هذا المكلف ، فقال : (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) وتعظيمها أن يبقيها حرمات كما خلقها الله في الحكم ، (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) فمن يسقط حرمات الله في دار التكليف فلا يرفع بها رأسا ولا يجد لها تعظيما يفقد خيرها إذ