الإشارات هو بيت الإيمان ، وليس إلا قلب المؤمن الذي وسع عظمة الله وجلاله ، والشعائر هي الدلائل الموصلة إليه تعالى وإلى معرفته.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (٣٤)
(وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فنؤمن به من حيث ما جاء به الخبر لا من حيث الدليل ، فذلك التصديق هو الإيمان ، والمخبتون هم الذين تولاهم الله بالإخبات وهو الطمأنينة ، والخبت المطمئن من الأرض ، فالذين اطمأنوا بالله من عباده وسكنت قلوبهم لما اطمأنوا إليه سبحانه فيه وذلوا لعزته أولئك هم المخبتون الذين أمر الله نبيه صلىاللهعليهوسلم في كتابه أن يبشرهم فقال له : (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) ، فإن قيل ومن المخبتون قل.
(الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣٥)
فهذه صفات المخبتين أي كانوا ساكنين فحركهم ذكر الله بحسب ما وقع به الذكر ، وصبروا أي حبسوا نفوسهم على ما أصابهم من ذلك ولم يمنعهم ذلك الوجل ولا غلبة الحال عن إقامة الصلاة إذا حضر وقتها على أتم نشأتها لما أعطاهم الله من القوة على ذلك ، ثم مع ما هم فيه من الصبر على ما نابهم من الشدة فسألهم سائل ـ وهم بتلك المثابة في رزق علمي أو حسي من سد جوعة أو ستر عورة ـ أعطوه مما سألهم منه ، فلم يشغلهم شأن عن شأن ، فهذا نعت المخبتين الذي نعتهم الله به ، وهم ساكنون تحت مجاري الأقدار عليهم راضون بذلك ، من خبت النار إذا سكن لهيبها.
(وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ