دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٤٠)
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) فالحمد لله واضع الملل وشارع النحل ، تارة بالوحي وتارة بالإلهام ، فوقتا خلف حجاب الإشراق ووقتا خلف حجاب الظلام ، فأضل وهدى ، وأنجى وأردى ، وأقام أعلام الضلالة والهدى ، ففصل بها بين الأولياء والأعداء ، فجعل الهدى لحزب السعادة سلما ، ونصب الضلالة لحزب الشقاوة علما ، وأوقع بينهما الفتن والحرب ، في عالم الشهادة والغيب ، وثبتت في صدورهم الشحناء ، وبدت بينهم العداوة والبغضاء ، فسفكت الدماء ، واتبعت الأهواء ، فالسعيد منا من ناضل عن شرعه المؤيد بالآيات ، وقاتل عن وضعه المقرر بالمعجزات ، والشقي من احتمى بحمى الضلالات ، ودافع عنها بمجرد الحمايات ، وأعمى نفسه عن ملاحظة الصواب ، فيما وقع به الخطاب ، فبادروا إلى نصرة الدين المكي ، وقاتلوا بما ثبت في نفوسكم من اليقين اليمني ، وقد خاب من طلب أثرا بعد عين ، ورجع بعد معرفته بعلو مرتبة الصدق إلى المين ، جعلنا الله وإياكم ممن ذب عن شرعه المعصوم ، وناضل عن دينه المعلوم.
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٤١)
وهو الحمد فإن عواقب الثناء كله يرجع إلى الله لا إلى غيره.
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ