(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ) وهو صديقه (لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) الحقبة السنة ، وإنما كان الحوت عند يوشع للمناسبة ، لأن يوشع هو ابن نون ، ولهذه المناسبة كان الحوت الذي هو النون.
(فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) (٦٢)
ولم يكن قبل ذلك أصابه النصب ليتذكر دلالة الحوت ـ إشارة ـ مجمع البحرين إشارة إلى علم الباطن وعلم الظاهر.
(قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) (٦٣)
من أدب يوشع فتى موسى إضافة النسيان إلى الشيطان ، وما أضافه إلى الله الذي أنساه أن يعرّف موسى عليهالسلام بحياة الحوت ، لما أراد الله من تمام ما سبق به العلم الإلهي من زيادة الأقدام التي قدر له أن يقطع بها تلك المسافة ، ويجاوز المكان الذي كان فيه خضر ـ إشارة ـ كان الدليل حوتا ولم يكن غير ذلك لأنه من الحيوان الذي يتكون في الماء ، فليس بينه وبين الأصل واسطة ، لأنه سبحانه جعل من الماء كل شيء حي ، فهو أصل الحياة ، فكذلك جعله دليلا على الخضر ، إذ كان حيا بما أعطاه الله تعالى ، لا موت عنده ولا جهل ، فكان الدليل مناسبا للمدلول ، ولهذا جعلت حياته دليلا على وجود خضر ، أي قد وصلت إلى معدن الحياة ـ أما اتخاذه البحر مسلكا فهو إشارة لرجوع الأشياء إلى أصلها.
(قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) (٦٤)
أي يتبعان الأثر إلى أن عادا إلى المكان.