في صورة مخلوق ، كما قال في [سمع الله لمن حمده] أن ذلك القول هو قول الله على لسان عبده ، فقوله تعالى الذي سمعه موسى أتم في الشرف من قوله تعالى على لسان قائل ، فوقع التفاضل بالمحل الذي سمع منه القول المعلوم أنه قول الله ، وكذلك أيضا رحمته من حيث ظهورها من مخلوق أدنى من رحمته بعبده في غير صورة مخلوق ، فتعيّن التفاضل والأفضلية بالمحال ، إلا أن رحمة الله بعبده في صورة المخلوق تكون عظيمة ، فإنه يرحم عن ذوق ، فيزيل برحمته ما يجده الراحم من الألم في نفسه من هذا المرحوم ، والحق ليس كذلك ، فرحمته خالصة لا يعود عليه منها إزالة ألم ، فهو خير الراحمين ، فرحمة المخلوق عن شفقة ورحمة الله مطلقة.
(٢٤) سورة النّور مدنيّة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢)
حد الزنا هو الرجم للثيب والجلد للبكر إلا عند من يرى الجمع بين الحدّين على الثيب ، وأكثر العلماء على خلاف هذا القول ، وما عندي في مسائل الأحكام المشروعة بأصعب من الزنا خاصة ، ولو أقيم عليه الحد فإني أعلم أنه يبقى عليه بعد إقامة الحد مطالبات من مظالم العباد ، واعلم أنّ للرأفة موطنا لا نتعداه وأن الله يحكم بها حيث يكون وزنها ، فإن الله ينزل كل شيء منزلته ولا يتعدى به حقيقته كما هو في نفسه ، فإن الذي يتعدى الحدود هو المتعدي ، فجاء الميزان في إقامة الحدود فأزال حكم الرأفة من المؤمن ، فإذا رأف في إقامة الحد فليس بمؤمن ولا استعمل الميزان ، وكان من الذين يخسرون الميزان ؛ فيتوجه عليه بهذه