(وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣١)
التوبة قرين الحوبة ، علامتها الندم ، مما جرى به القدم ، وتعلق به العلم في القدم ، ثم أقلع فرجع ، عند ما سمع (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) أمر الله عباده المؤمنين بالتوبة ، والتوبة تختلف باختلاف المقامات ، فمنهم من رجع إليه من نفسه ، والعارف رجع إليه منه ، والعلماء رجعوا إليه من رجوعهم إليه ، والعامّة رجعت من المخالفات إلى الموافقة ، وحدّ التوبة ترك الزلة في الحال والندم على ما فات ، والعزم على أنه لا يعود لما رجع عنه عند علماء الرسوم ، ويفعل الله بعد ذلك ما يريد ، والندم توبة وهو الركن الأعظم ، وميم الندم منقلبة عن باء ، مثل لازم ولازب ، وهو أثر حزنه على ما فاته يسمى ندبا ، والندب الأثر ، فقلبت ميما وجعلت لأثر الحزن خاصة ؛ ولما كان توبة الله على عبده مقطوعا لها بالقبول ، وتوبة العبد في محل الإمكان ، لما فيها من العلل وعدم العلم باستيفاء حدودها وشروطها وعلم الله فيها ، فالعارفون يسألون من ربهم أن يتوب عليهم ، وحظهم من التوبة الاعتراف والسؤال لا غير ذلك ، فهذا معنى قوله (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً) أي ارجعوا إلى الاعتراف والدعاء ، كما فعل أبوكم آدم ، فإن الرجوع إلى الله بطريق العهد وهو لا يعلم ما في علم الله فيه خطر عظيم ، فإنه إن كان قد بقي عليه شيء من المخالفة ، فلا بد من نقض ذلك العهد ، فالتوبة