له ذلك المثل ، فهو عينه من حيث ذلك الجامع ، وما هو عينه من حيث ما هو مثل ، ولذلك قال تعالى : (يَهْدِي اللهُ) بما ضربه لعباده من هذا النور بالمصباح (لِنُورِهِ) الممثّل به (مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فهذا مصباح مخصوص ما هو كل مصباح ، فلا ينبغي أن يقال : إن نور الله كالمصباح من كونه يكشف المصباح كل ما انبسط عليه نوره لصاحب بصر ، مثل هذا لا يقال : فإن الله ما ذكر ما ذكره من شروط هذا المصباح ونعوته وصفاته الممثل به سدى ، فمثل هذا المصباح هو الذي يضرب به المثل ، فإن الله يعلم كيف يضرب الأمثال ـ قراءة ـ العارف يقف في التلاوة على مصباح ثم يقول : (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) فيكون حديثه مع المصباح لا مع النور الإلهي ، والآية مثل لقلب المؤمن التقي النقي الورع ، فليس له عامر إلا الله ، والله هو النور لأنه نور السموات والأرض ، فمثل القلب بالمشكاة فيها مصباح وهو النور ، نور العلم بالله ، وما بقي من الكلام فإنما هو من تمام كمال النور الذي وقع به التشبيه ، ما هو من التشبيه ، فلا تغلط فتخطىء الطريق إلى ما أبان الحق عنه في هذه الآية ، فالقلب مشبه بالمشكاة والمشكاة الكوة ـ تفسير من مبشرة ـ رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام فقلت : قوله تعالى (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) إلى آخر الآية ، ما هذه الشجرة؟ فقال : كنّى عن نفسه سبحانه ، لذلك نفى عنها الجهات ، فإنه لا يتقيد بالجهات ، والغرب والشرق كناية عن الفرع والأصل ، فهو الله خالق المواد وأصلها ، ولو لا هو ما كانت ـ في كلام طويل وتفصيل واضح.
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (٣٦)
ربط الله إقامة الصلوات المفروضة بأماكن وهي المساجد فقال : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) أي أمر الله أن ترفع حتى تتميز البيوت المنسوبة إلى الله من البيوت المنسوبة إلى المخلوقين (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) بالأذان والإقامة والتلاوة والذكر والموعظة (يُسَبِّحُ) يقول : يصلى (لَهُ فِيها) أي من أجل أن أمرهم الله بالصلاة فيها (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) ـ الوجه الثاني ـ (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) أمر الله تعالى برفع المساجد عما