العالم الأعلى والأسفل وما بينهما برحمته ، فإن صلاة الله هي رحمته.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٤٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) (٤٣)
السحاب يتكون من الماء يكون بخارا ، فتصعد الأبخرة للحرارة التي فيها فتتكون سحابا ، والله يزجي السحاب والعين تشهد أن الريح يزجيها ، فبما في السحاب من الماء يثقل فينزل ، كما صعد بما فيه من الحرارة ، فإن الأصغر يطلب الأعظم فإذا ثقل اعتمد على الهواء ، فانضغط الهواء فأخذ سفلا ، فحك وجه الأرض فتقوت الحرارة التي في الهواء ، فطلب الهواء بما فيه من الحرارة القوية الصعود يطلب الركن الأعظم ، فوجد السحاب متراكما فمنعه من الصعود تكاثفه فاشتعل الهواء ، فخلق الله في تلك الشعلة ملكا سماه برقا ، فأضاء به الجو ، ثم انطفأ بقوة الريح كما ينطفىء السراج ، فزال ضوءه مع بقاء عينه ، فزال كونه برقا ، وبقي العين كونا يسبح الله ، ثم صدع الوجه الذي يلي الأرض من السحاب ، فلما مازجه خلق الله من ذلك ملكا سماه رعدا ، فسبح بحمد الله ، فكان بعد البرق ، لا بد من ذلك ما لم يكن البرق خلبا ، فكل برق يكون على ما ذكرناه ، لا بد أن يكون الرعد يعقبه ، لأن الهواء يصعد مشتعلا فيخلقه ملكا يسميه برقا ، وبعد هذا يصدع أسفل السحاب فيخلق الله الرعد مسبحا بحمد ربه لما أوجده ، وثمّ بروق وهي ملائكة يخلقها الله في زمان الصيف من حرارة الجو لارتفاع الشمس ، فتنزل الأشعة الشمسية فإذا أحرقت ركن الأثير زادت حرارة ، فاشتعل الجو من أعلى وما ثمّ سحاب ، لأن قوة الحرارة تلطف الأبخرة الصاعدة على كثافتها ، فلا يظهر للسحاب عين ، فيخلق الله من ذلك الاشتعال بروقا خلّبا لا يكون معها رعد أصلا (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) لأن البرق نور شعشعاني تذهب أشعته بالأبصار.