(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩)
هذه الآية دليل على أن الأيام كانت موجودة بوجود حركة فلك البروج ، وهي الأيام المعروفة عندنا لا غير ، فإذا دار فلك البروج دورة واحدة فذلك هو اليوم الذي خلق الله فيه السموات والأرض ، ثم أحدث الليل والنهار عند وجود الشمس ، لا الأيام ، واليوم أربع وعشرون ساعة ، وقد يسمى النهار وحده يوما بحكم الاصطلاح واعلم أن الله خلق العالم في ستة أيام ، بدأ به يوم الأحد ، وفرغ منه يوم الجمعة ، (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) فلما كان اليوم السابع من الأسبوع وفرغ من العالم كان يشبه المستريح الذي مسه اللغوب ، فاستلقى ووضع إحدى رجليه على الأخرى ، وقال : أنا الملك ؛ كذا ورد في الأخبار النبوية ، فالفراغ الإلهي إنما كان من الأجناس في الستة الأيام ، وأما أشخاص الأنواع فلا (الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ) الضمير في به يعود على الاستواء (خَبِيراً) وهو العارف من عباد الله من نبي وغيره ، ممن شاء الله من عباده ، لأنه قال (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) والخبير المسؤول يعني كل من حصل له ذلك ذوقا ، وصفته نزول القرآن على قلبه ، فكان قلبه عرشا لاستواء القرآن ذوقا ، يعلم لذوقه وخبرته اتصاف الرحمن بالاستواء على العرش ما معناه ، فإذا أردت أن تسأل عن حقيقة أمر ما ، فاسأل عنه من له فيه ذوق ، ومن لا ذوق له في الأشياء فلا تسأله فإنه لا يخبرك إلا باسم ما سألت عنه لا بحقيقته.