موسى أنا على علم ... الحديث] فافترقا وتميزا بالإنكار ، وما رد موسى على الخضر في ذلك ، ولا أنكر عليه في قوله المذكور في هذه الآية ، بل.
(قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) (٦٩)
قال ذلك لأنه قال له قبل ذلك (هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا) والصبر لا يكون إلا على ما يشق عليه ، وأدخل موسى نفسه عليهالسلام في اتباع الخضر وتحت شرطه ، وموسى كليم الله ونجيه ، ومع هذا لم يصبر لأنه قدم الاستثناء ، فلو قدم موسى عليهالسلام الصبر على المشيئة كما يفعل المحمدي لصبر ولم يعترض ، فإن الله قدمه في الإعلام تعليما لمحمد صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) فأخر الاستثناء ، فمن أراد أن يحصل علم الله في خلقه فليقف عند ترتيب حكمته في الأشياء ، وليقدم ما قدم الله ويؤخر ما أخر الله ، فإذا أخرت ما قدمه أو قدمت ما أخره فهو نزاع خفي يورث حرمانا ، فالله أخر الاستثناء وقدمه موسى عليهالسلام فلم يصبر ، فلو أخره لصبر ، والآية التي ذكرناها أنها نزلت على محمد صلىاللهعليهوسلم مذكورة باللسان العبراني في التوراة.
(قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) (٧٠)
كل أمر يقع التعجب منه فإن صاحبه الذي أوجده للتعجب ما أوجده بهذه الحالة إلا ليحدث منه ذكرا لهذا الذي تعجب منه ، فلا تستعجل ، فإنه لا بد أن يخبره موجده بحديثه ، إلا أن الإنسان خلق عجولا ، وما في العالم أمر لا يتعجب منه ، فالوجود كله عجيب ، فلابد أن يحدث الله منه ذكرا للمتعجبين ، فالعارفون أحدث الله لهم ذكرا منه في هذه الدار ، فعرفوا لما خلقوا له ولما خلق لهم ، والعامة تعرف حقائق الأمور في الآخرة ، فلابد من العلم سواء في الدنيا للعلماء أو في الآخرة للعامة.
(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١) قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما