عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (١٩٣)
لما قال تعالى (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) فعلّم القرآن أين محله الذي ينزل عليه من العالم ، فنزل على قلب محمد صلىاللهعليهوسلم ، نزل به الروح الأمين الذي هو روح القدس ، والروح هو الملقي إلى القلب علم الغيب على وجه مخصوص ، فقال تعالى :
(عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (١٩٤)
لما نزل القرآن نزل على قلب محمد صلىاللهعليهوسلم ، وعلى قلوب التالين له دائما ، التي في صدورهم في داخل أجسامهم ، لا أعني اللطيفة الإنسانية التي لا تتحيز ولا تقبل الاتصاف بالدخول والخروج ، فيقوم للنفس الناطقة القلب الذي في الصدر ، ليصير لها مقام المصحف المكتوب للبصر ، فمن هنا تتلقاه النفس الناطقة. ـ راجع المائدة آية ٦٧ ـ فجعل الله القلب الذي في داخل الجسم في صدره مصحفا وكتابا مرقوما ، تنظر فيه النفس الناطقة ، فهذا قوله تعالى (عَلى قَلْبِكَ) فظهر القرآن في قلبه صلىاللهعليهوسلم على صورة لم يظهر بها في لسانه ،