(يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٩)
فسبحان من علا في نزوله ، ونزل في علوه ، ثم لم يكن واحدا منهما ، ولم يكن إلا هما ، لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، فيعرف معرفة لا يشهد معروفها ، فإنه سبحانه تجلى لموسى عليهالسلام في عين حاجته ، فلم تكن نارا ، فلا يرى الحق إلا في الافتقار ، ولا يتجلى إلا في صور الاعتقادات وفي الحاجات ، وقلنا في ذلك من قصيدة لنا :
كنار موسى يراها عين حاجته |
|
وهي الإله ولكن ليس يدريه |
(وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) (١٠)
ـ إشارة ـ قلبت العصا ثعبانا لأن جزاء سيئة سيئة مثلها ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، فجاءهم بما يناسب ما كانوا عليه ، وكذلك معجزة كل نبي هي ما يناسب قومه ، وخاف موسى وهو في حال التمكين ، عقابا لقوله : إن معي ربي سيهدين ، فلما قدم نفسه كان الخوف مصاحبا له.
(إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (١٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (١٤)
(وَجَحَدُوا بِها) الجاحد هنا هو الكاذب ، لأنه عالم بكذبه في المواطن التي كلّف أن يصدق فيها ، والإقرار في ذلك الأمر المطلوب منه المعلوم عنده (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) التيقن : هو استقرار العلم في النفس ، فلو لا ما علموا ، ما تيقنوا أنها آيات ، يعني براهين