الله مكر من الله ، ولم يزل اسم المكر عن الذي أقام على الأمر الذي كان لا يشعر به أنه مكر من الله في إقامته على ذلك الأمر في حقه ، ثم قد يمكر بهم بأمر زائد على مكرهم ، فإنه أرسله سبحانه نكرة فقال : (وَمَكَرْنا مَكْراً) فدخل فيه عين مكرهم ، ومكر آخر زائد على مكرهم ، ومن المكر الإلهي ما يقصد به ضرر العبد ، ومنه ما لا يقصد به ضرر العبد ، وإنما يكون لحكمة أخرى ، يكون فيها سعادة العبد ، فإنه لو لا المكر الخفي لما صح تكليف ، ولا طلب جزاء ، فإنه من مكر الله المحمود في الممكور به ، تكليف الله إياه الأعمال والسمع والطاعة له فيما كلف به ، والأمر يعطي في نفسه أن الأعمال خلق لله في العبد ، وأن الله لا يكلف نفسه ، وليس العامل إلا هو وهذا قد شعر به بعض الناس ، وأقاموا على العمل وثابروا عليه ، أعني عمل الخيرات ـ نصيحة ـ من اعتمد على غير الحق ، جعل نصرته فيه مكرا من حيث لا يشعر.
(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) (٥٩)
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) اعلم أن الحمد والمحامد هي عواقب الثناء ، ولهذا يكون آخرا في