الأمور ، كما ورد أن آخر دعواهم (أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وقوله صلىاللهعليهوسلم في الحمد : إنّها تملأ الميزان ، أي هي آخر ما يجعل في الميزان ، وذلك لأن التحميد يأتي عقيب الأمور ، ففي السراء يقال : الحمد لله المنعم المفضل ، وفي الضراء يقال : الحمد لله على كل حال ؛ والحمد هو الثناء على الله ، وهو على قسمين ، ثناء عليه بما هو له ، كالتسبيح والتكبير والتهليل ، وثناء عليه بما يكون منه ، وهو الشكر على ما أسبغ من الآلاء والنعم ، وله العواقب فإن مرجع الحمد ليس إلا إلى الله ، فإنه المثني على العبد والمثنى عليه ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم : [أنت كما أثنيت على نفسك] وهو الذي أثنى به العبد عليه ، فرد الثناء له من كونه مثنيا اسم فاعل ، ومن كونه مثنيا عليه اسم مفعول ، فعاقبة الحمد في الأمرين له تعالى. وتقسيم آخر ، وهو أن الحمد يرد من الله مطلقا ومقيدا في اللفظ ، وإن كان مقيدا بالحال ، فإنه لا يصح في الوجود إطلاق فيه ، لأنه لا بد من باعث على الحمد ، وذلك الباعث هو الذي قيده وإن لم يتقيد لفظا ، كأمره في قوله تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) فلم يقيد ، وأما المقيد فلا بد أن يكون مقيدا بصفة فعل ، كقوله (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض) وكقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) (والحمد لله فاطر السماوات) وقد يكون مقيدا بصفة تنزيه ، كقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً). واعلم أن الحمد لما كان يعطي المزيد للحامد ، علمنا أن الحمد بكل وجه شكر ، كذلك ما أعطى المزيد من الأذكار فهو شكر ، فهو حمد كله ، لأنه ثناء على الله ، ولا نحمده إلا بما أعلمنا أن نحمده به ، فحمده مبناه على التوقيف ، وقد خالفنا في ذلك جماعة من علماء الرسوم ، لا من العلماء الإلهيين ، فإن التلفظ بالحمد على جهة القربة لا يصح إلا من جهة الشرع ، فلا يتمكن أن يقال على جهة القربة وإن عقل أنه خير إلا حتى يقول الحق اذكروني ، فإما أن يطلق بكل ذكر ينسب إليه الحسن في العرف ، وهو من مكارم الأخلاق ، وإما أن يقيده فيعين ذكرا خاصا فالثناء على الله بما هو فاعل ثناء عرفي يثني به المخلوق على الخالق ، ما لم ينه عنه إذا كان ذلك الثناء مما يعظم في العالم ، فقد يكون من حيث ما هو فاعل وليس بعظيم في العالم ، فإذا ذكر بما هذا مثله نكر ، ومثاله أن يقول : الحمد لله خالق كل شيء ، فيدخل فيه كل مخلوق معظّم ومحقّر ، ومثال المعظم في العرف أن تقول : الحمد لله الذي خلق السموات ، ومثل ذلك ، ولا ينبغي أن يعين في الثناء خلق المحقر عرفا ، والمستقذر طبعا ، وإن دخل في عموم كل