رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٧٥) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦) وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٧٧)
كون القرآن هدى من كلّ آية محكمة ، وكل نص ورد في القرآن مما لا يدخله الاحتمال ، ولا يفهم منه إلا الظاهر بأول وهلة ، مثل قوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وقوله (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) وقوله (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) وأمثال هذه الآيات مما لا يحصى كثرة (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) أما كونه رحمة فلما فيه مما أوجبه الحق على نفسه من الوعد لعباده بالخير والبشرى ، مثل قوله : (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) وقوله (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) وكل آية رجاء.
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٧٨) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩) إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١) وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) (٨٢)
(وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) فأخبر تعالى أن هذه الدابة تكلمنا ، وذلك أنها إذا خرجت من أجياد ، وهي دابة أهلب كثيرة الشعر ، لا يعرف قبلها من دبرها ، يقال لها الجساسة ، فتنفخ فتسم بنفخها وجوه الناس شرقا وغربا ، جنوبا وشمالا ، برا وبحرا ، فيرتقم في جبين كل شخص ما هو عليه في علم الله من إيمان وكفر ، فيقول من سمته مؤمنا لمن سمته كافرا ، يا كافر أعطني كذا وكذا ، وما يريد أن يقول له ،