فلا يغضب لذلك الاسم ، لأنه يعلم أنه مكتوب في جبينه كتابة لا يمكنه إزالتها ، فيقول الكافر للمؤمن : نعم أو لا في قضاء ما طلب منه ، بحسب ما يقع ، فكلامها المنسوب إليها ما هو في العموم سوى ما وسمت به الوجوه بنفختها ، وإن كان لها كلام مع من يشاهدها أو يجالسها من أي أهل لسان كان ، فهي تكلمه بلسانه من عرب أو عجم ، على اختلاف اصطلاحاتهم ، يعلم ذلك كله ، وقد جاء حديثها في الخبر الصحيح الذي ذكره مسلم في حديث الدجال ، حين دلت تميما الداري عليه ، وقالت له : إنه إلى حديثك بالأشواق ، وهي الآن في جزيرة في البحر الذي يلي جهة الشمال ، وهي الجزيرة التي فيها الدجال ، ثم أخبر تعالى أن طائفة من العباد لا توقن بذلك وتخرجه بالتأويل عن ظاهره فقال : (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) أي لا يستقر الإيمان بالآيات التي هذه الآيات منها في قلوبهم ، بل يقبلون ذلك إيمانا ، وطائفة منهم تتأول ذلك على غير الوجه الذي قصد له.
(وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) (٨٨)
فكل شيء محكم ، لأنه صنعة حكيم ، ومن هنا نظر من نظر إلى جمال الكمال ، وهو جمال الحكمة ، فإن العالم خلقه الله في غاية الإحكام والإتقان ـ إشارة ـ من خصائص المحمديين من أهل الله ، أهل الأدب ، جلساء الحق على بساط الهيبة ، مع الأنس الدائم ،