(فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (١٣)
(فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها) بتربيته وتشاهد انتشاءه في حجرها (وَلا تَحْزَنَ).
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) (١٥)
إذا ساعد الشيطان على الإنسان القدر السابق بالفعل فوقع منه الفعل ، ورأى أن ذلك من الشيطان مؤمنا مصدقا كما قال موسى عليهالسلام (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) فعمل ، تاب إثر وعقيب وقوع الفعل ، والتوبة هنا الندم ، فإنه معظم أركان التوبة ، فقد ورد أن الندم توبة ، فإن الحضور مع الإيمان عند وقوع المخالفة يرد ذلك العمل حيا بحياة الحضور ، يستغفر لفاعله إلى يوم القيامة ، فالشيطان في هذه الحالة يكون قد سعى في تضعيف الخير للعبد وهو لا يشعر ، فإن الحرص أعماه ، ويحور الوبال وإثم تلك المعصية عليه ، وهذا من مكر الله تعالى بإبليس ، فإنه لو علم أن الله يسعد العبد بتلك اللمة من الشيطان سعادة خاصة ما ألقى إليه شيئا من ذلك ، والأدب يقضي بأمر كلي أن ما حسن عرفا وشرعا نسبه العبد للحق ، فأظهر الحق فيه وجلاه للبصائر والأبصار ، وما قبح عرفا وشرعا نسبه إلى نفسه إن شاء وأظهر نفسه فيه وجلّاه ، أو نسبه إلى الشيطان إن شاء وأظهر عين الشيطان فيه وجلّاه.
(قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦)