إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٢٨)
لما علم موسى عليهالسلام قدر النساء ومنزلتهن استأجر نفسه في مهر امرأة عشر سنين ، وأعني بالنساء الأنوثة السارية في العالم ، وكانت في النساء أظهر.
(فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٢٩)
فلو نظرت فيما أنتج الله من الكلام لموسى عليهالسلام ، حين خرج ساعيا لأهله لما كانوا يحتاجون إليه من النار ، فبسعيه على عياله واستفراغه ناداه الحق وكلمه في عين حاجته وهي النار ، فإنه عليهالسلام قد استفرغه طلب النار لأهله ، وهو الذي أخرجه لما أمر به من السعي على العيال ، والأنبياء أشد الناس مطالبة لأنفسهم للقيام بأوامر الحق ، فلم يكن في نفسه سوى ما خرج إليه ، فلما أبصر حاجته وهي النار التي لا حت له من الشجرة من جانب الطور الأيمن ناداه الحق من عين حاجته بما يناسب الوقت ـ إشارة ـ إن سرت بأهلك ، أي إذا جئت إلى الحق فلا تترك منك مع الكون شيئا ، بل احضر بجمعيتك ، فلا يكون لك خاطر تفرقة أبدا ، بل يكون مجموع الهم في دخولك على الله تعالى ، وإذا خرجت من عند الحق اترك الكون عنده ، وإخراج بالحق إلى الحق ، فإنك إن سرت بأهلك آنست نارا ، وكلمك العزيز جهارا.