(٤٠) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ) (٤١)
فإن قيل كيف جعلهم أئمة وقد قال لإبراهيم عليهالسلام لما سأله (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) قال تعالى له (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)؟ فاعلم أن من نصبه الناس إماما فأئمتهم رجلان : ظالم وعادل ، فالعادل هو الذي يقوم فيهم بسنة نبيهم وهديه ، ويسلك بهم أوامر الحق المشروع لهم من عند الله ، وهم أئمة الهدى الذين يأمرون بالقسط من الناس فهم ممن ينال عهد الله ، وطائفة أخرى نصبهم الناس فظلموا وضلوا وأضلوا وعدلوا عن الحق ، فهؤلاء الذين لم ينالوا عهد الله بحكم تعيينهم بالأمر بالتقدم ، ولكن قال تعالى فيهم (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) بقضائنا لا بأمرنا (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ).
(وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيام َةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣) وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٤٤)
فإنه ليس حكم من شاهد الأمور حكم من لم يشاهدها إلا بالإعلام ، فللعيان حال لا يمكن أن يعرفه إلا صاحب العيان ، كما أن للعلم حالا لا يعرفه إلا أولو العلم.
(وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٤٥) وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٤٦)
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) موسى عليهالسلام.