مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٦٠)
احذر من فتنة الحياة الدنيا وزينتها ، وفرق بين زينة الله وزينة الشيطان وزينة الحياة الدنيا ، إذا جاءت الزينة مهملة غير منسوبة فإنك لا تدري من زيّنها لك ، فانظر ذلك في موضع آخر واتخذه دليلا على ما انبهم عليك ، مثل قوله (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) ومثل قولهم (أفمن زين له سوء عمله) ولم يذكر من زينه ، فتستدل على من زيّنه من نفس العمل ، فزينة الله غير محرمة ، وزينة الشيطان محرمة ، وزينة الدنيا ذات وجهين : وجه إلى الإباحة والندب ، ووجه إلى التحريم ، والحياة الدنيا وطن الابتلاء ، فجعلها الله حلوة خضرة ، واستخلف فيها عباده ، فناظر كيف يعملون فيها ، بهذا جاء الخبر النبوي ، فاتق فتنتها وميّز زينتها وقل رب زدني علما ، (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) وما عند الله إلا العالم فهو خير وأبقى ، من حيث أنه أعطى العلم بنفسه للعالم به ، أي من حيث أن العلم تابع للمعلوم ، وهو حكم لا يزال باقيا ، فإن العلم تابع للمعلوم في الحادث والقديم ، فأعيان العالم محفوظون في خزائنه عنده ، وخزائنه علمه ، ومختزنه نحن ، فنحن أثبتنا له حكم الاختزان ، لأنه ما علمنا إلا منا ، ـ تحقيق ـ الزاهد في الدنيا مال إلى قوله : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) والعارف مال إلى قوله تعالى : (وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى).
(أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ