(٦٦) فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٨)
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ) أي يقدّر ويوجد (ما يَشاءُ) لو كان وجود العالم لذات الحق لا للنسب الإلهية لكان العالم مساوقا للحق في الوجود ، وليس كذلك ، فالنسب حكم لله أزلا ، وهي تطلب تأخر وجود العالم عن وجود الحق ، فيصح حدوث العالم ، وليس ذلك إلا لنسبة المشيئة التي هي مفتاح الغيب ، وسبق العلم بوجوده ، فكان وجود العالم مرجّحا على عدمه ، والوجود المرجح لا يساوق الوجود الذاتي الذي لا يتصف بالترجيح ، فكل ما سوى الحق عرض زائل وغرض مائل وإن اتصف بالوجود ، فهو في نفسه في حكم المعدوم (وَيَخْتارُ) كذا فعل سبحانه في جميع الموجودات ، فاختار من كل أمر في كل جنس أمرا ما ، كما اختار من الأسماء الحسنى كلمة الله ، واختار من الناس الرسل ، واختار من العباد الملائكة ، واختار من الأفلاك العرش ، واختار من الأركان الماء ، واختار من الشهور رمضان ، واختار من العبادات الصوم ، واختار من القرون قرن النبي صلىاللهعليهوسلم ، واختار من أيام الأسبوع يوم الجمعة ، واختار من أحوال السعادة في الجنة الرؤية ، واختار من الأحوال الرضى ، واختار من الأذكار لا إله إلا الله ، واختار من الكلام القرآن ، واختار من سور القرآن يس ، واختار من أي القرآن آية الكرسي ، واختار من قصار المفصل : قل هو الله أحد ، واختار من أدعية الأزمنة دعاء عرفة ، واختار من المراكب البراق ، واختار من الملائكة الروح ، واختار من الألوان البياض ، واختار من الأكوان الاجتماع ، واختار من الإنسان القلب ، واختار من الأحجار الحجر الأسود ، واختار من البيوت البيت المعمور ، واختار من الأشجار السدرة ، واختار من النساء مريم وآسية ، واختار من الرجال محمدا صلىاللهعليهوسلم ، واختار من الكواكب الشمس ، واختار من الحركات الحركة المستقيمة ، واختار من النواميس الشريعة المنزلة ، واختار من البراهين البراهين الوجودية ، واختار من الصور الصورة الآدمية ، لذلك أبرزها على الصورة الإلهية ، واختار من الأنوار ما يكون معه النظر ، واختار من النقيضين الإثبات ، ومن الضدين الوجود ، واختار الرحمة على الغضب ، واختار