وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٥) فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (٢٧)
إسحق عليهالسلام موهوب من غير سؤال ، وإسماعيل عليهالسلام جمع له بين الكسب والوهب ، فهو مكسوب من جهة سؤال إبراهيم عليهالسلام (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) موهوب من جهة الفداء (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) وهو قول كل نبي (إن أجري إلا على على الله) أجر التبليغ فآتاه الله أجره في الدنيا بأن نجاه من النار ، فجعلها عليه بردا وسلاما (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) للأجر ما نقصه كونه في الدنيا قد حصله بما يناله في الآخرة شيء. ولما كان الصلاح من خصائص العبودية ، وذكر تعالى عن أنبيائه أنهم من الصالحين ، ذكر عن إبراهيم الخليل (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) من أجل الثلاثة الأمور التي صدرت منه في الدنيا ، وهي قوله عن زوجته سارة : إنها أخته بتأويل ، وقوله : إني سقيم اعتذارا ، وقوله : بل فعله كبيرهم إقامة حجة ، فبهذه الثلاثة يعتذر يوم القيامة للناس إذا سألوه أن يسأل ربه فتح باب الشفاعة ، فلهذا ذكر صلاحه في الآخرة إذ لم يؤاخذه بذلك.
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٢٩)
وذلك مبالغة منهم في التكذيب ، إذ لو احتمل عندهم صدق الرسول ما قالوا مثل هذا القول ، فإن النفوس قد جبلت على جلب المنافع ودفع المضار عنها ..
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ