(وَالْمُنْكَرِ) وهو ما تنكره القلوب ، وذلك الظاهر للتحريم والتحليل الذي فيها. (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) ـ الوجه الأول ـ الصلاة تشتمل على أقوال وأفعال ، فتحريك اللسان بالذكر من المصلي من جملة أفعال الصلاة ، والقول المسموع من هذا التحريك هو من أقوال الصلاة ، وليس في أقوالها شيء يخرج عن ذكر الله ، في حال قيام وركوع وخفض ورفع إلا ما يقع به التلفظ من ذكر نفسك بحرف ضمير ، أو ذكر صفة تسأله أن يعطيكها ، مثل : اهدني وارزقني ، ولكن هو ذكر شرعا لله ، فإن الله سمى القرآن ذكرا وفيه أسماء الشياطين والمغضوب عليهم ، والمتلفظ به يسمى ذكر الله ، فإنه كلام الله فذكرتهم بذكر الله ، فيكون قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ) فيها (أَكْبَرُ) يعني القول فيها أشرف أفعال المكلف ، فإنها تشتمل على أفعال وأقوال ، أي (وَلَذِكْرُ اللهِ) فيها (أَكْبَرُ) أعمالها وأكبر أحوالها ، أي ذكر الله أكبر ما فيها ، فهو أكبر من جملة أفعالها ، فإنها تشتمل على أقوال وأفعال ، فذكر الله في الصلاة أكبر أحوال الصلاة ، قال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) والفاتحة تجمع الذكر والشكر ، وهي التي يقرأها المصلي في قيامه ، فالشكر فيها قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وهو عين الذكر بالشكر ، إلى كل ذكر فيها وفي سائر الصلاة ، فذكر الله في حال الصلاة وشكره أعظم وأفضل من ذكره سبحانه في غير الصلاة ، فإن الصلاة خير موضوع العبادات ، فذكر الله في الصلاة أكبر من جميع أفعالها وأقوالها ، فإنك إن ذكرت الله فيها كان جليسك في تلك العبادة ، فإنه أخبر أنه جليس من ذكره ، فذكر الله في الصلاة أكبر فيها من أفعالها ، وفيه وقعت القسمة بين الله وبين المصلي في الصلاة ، فإن أفضل ما في الصلاة ذكر الله من الأقوال ، والسجود من الأفعال ، لأن الذكر جزء منها وهو أكبر أجزائها ، فذكر الله في الصلاة أشرف أجزاء الصلاة ، لا أن الذكر أشرف من الصلاة ، فما كل الصلاة ذكر ، فإن فيها الدعاء ، وقد فرق الحق بين الذكر والدعاء ، فقال : من شغله ذكري عن مسألتي ؛ وهي الدعاء ، فما هو الذكر هنا الذكر الخارج عن الصلاة حتى ترجحه على الصلاة ، إنما هو الذكر الذي في الصلاة ، فينبغي لكل من أراد أن يذكر الله تعالى ويشكره باللسان والعمل أن يكون مصليا وذاكرا بكل ذكر نزل في القرآن لا في غيره ، وينوي بذلك الذكر والدعاء الذي في القرآن ليخرج عن العهدة ، فإنه من ذكره بكلامه فقد خرج من العهدة فيما ينسب في ذلك الذكر إلى الله ، ليكون في حال ذكره تاليا لكلامه ،